قال ابن عباس في رواية عطاء: كلت أبصار المخلوقين عن الإحاطة به، وقال سعيد بن المسيب: لا تحيط به الأبصار.
وعلى هذا التفسير نقول: إن الباري سبحانه يرى ولا يدرك، لأن معنى الإدراك: الإحاطة بالمرئي، وإنما يجوز ذلك على من كان محدودا وله جهات.
وذهب جماعة من أهل التفسير إلى تخصيص هذه الآية، قال ابن عباس في رواية أبي صالح: تنقطع عنه الأبصار في الدنيا.
وقال مقاتل: لا تراه الأبصار في الدنيا وهو يرى في الآخرة.
والدليل على أن هذه الآية مخصوصة بالدنيا قوله تعالى: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ {٢٢} إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ {٢٣} } القيامة: ٢٢-٢٣ ، فقيد النظر إليه بيوم القيامة وأطلق في هذه، والمطلق يحمل على المقيد.
أخبرنا أبو بكر الحارثي، أخبرنا أبو الشيخ الحافظ، حدثنا أبو بشر محمد بن عمران بن الجنيد، حدثنا أبو بكر الصفار، حدثنا عباد بن صهيب، عن عمرو، عن الحسن في قوله: {لا تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ} الأنعام: ١٠٣ قال: في الدنيا.
وقال الحسن: يراه أهل الجنة في الجنة.
واحتج بقوله تعالى: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ {٢٢} إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ {٢٣} } القيامة: ٢٢-٢٣ ، قال: ينظرون إلى وجه الله عز وجل.
وقوله: {وَهُوَ يُدْرِكُ الأَبْصَارَ} الأنعام: ١٠٣ أي: يراها وهي لا تراه مع رؤيته إياها، وهذا لله تعالى لأنه يَرى ولا يُرى.