وإنما خص الأبصار بإدراكه إياها مع أنه يدرك كل شيء للمعنى الذي ذكرنا، لأن غير الله تعالى لا يجوز أن يرى البصر ولا يراه البصر.
وقوله: {وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ} الأنعام: ١٠٣ قال الأزهري: معناه الرفيق بعباده.
وروى عمرو بن أبي عمرو، عن أبيه، قال: اللطيف: الذي يوصل إليك إربك في رفق، يقال: لطف الله لك، أي: أوصل إليك ما تحب برفق.
قال ابن عباس: وهو اللطيف: بأوليائه، الخبير بهم.
{قَدْ جَاءَكُمْ بَصَائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ أَبْصَرَ فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ عَمِيَ فَعَلَيْهَا وَمَا أَنَا عَلَيْكُمْ بِحَفِيظٍ {١٠٤} وَكَذَلِكَ نُصَرِّفُ الآيَاتِ وَلِيَقُولُوا دَرَسْتَ وَلِنُبَيِّنَهُ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ {١٠٥} اتَّبِعْ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ لا إِلَهَ إِلا هُوَ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ {١٠٦} } الأنعام: ١٠٤-١٠٦ قوله: {قَدْ جَاءَكُمْ بَصَائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ} الأنعام: ١٠٤ البصائر: جمع البصيرة، وهي الدلالة التي توجب البصر بالشيء والعلم به.
قال الكلبي: يعني بينات القرآن.
{فَمَنْ أَبْصَرَ فَلِنَفْسِهِ} الأنعام: ١٠٤ فمن صدق القرآن وآمن بمحمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فلنفسه عمل، ومن عمي عن الحق ولم يصدق فعليها: فعلى نفسه جنى العذاب لأن الله غني عن خلقه، {وَمَا أَنَا عَلَيْكُمْ بِحَفِيظٍ} الأنعام: ١٠٤ قال الحسن: أي: برقيب على أعمالكم حتى أجازيكم بها.
قال الزجاج: أي: لست آخذكم بالإيمان أخذ الحفيظ عليكم.
وهذا قبل الأمر بالقتال، فلما أمر بالقتال صار حفيظا عليهم.
قوله: {وَكَذَلِكَ نُصَرِّفُ الآيَاتِ} الأنعام: ١٠٥ قال ابن عباس: نبين الآيات في القرآن في كل وجه يدعوهم بها ويخوفوهم.
وليقولوا درست قال ابن الأنباري: هذا عطف على مضمر في المعنى، التقدير: يصرف الآيات ليلزمهم الحجة وليقولوا درست، واللام في: وليقولوا لام العاقبة والصيرورة، لأن عاقبة تصريف الآيات أدت إلى هذا القول الذي قالوه، كقوله: {فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا} القصص: ٨ .