فأتى به رسول الله وادعى عليه بالسرقة. قال اليهودي: أودعنيها (١) طعمة بن أبيرق وإخوته بشر وبشير ومبشر، وأنكر طعمة وإخوته ذلك ولم يكن لليهودي بينة فكان الظاهر أنه هو السارق، وجاء أناس من المسلمين يثنون على طعمة ويزكونه فهمّ رسول الله بمعاقبة زيد بن السمين فأنزل الله الآية وبرّأ اليهودي وفضح بني أبيرق وفرّ طعمة إلى مكة مرتدًا، ثم سرق هناك أيضًا فنفي إلى الشام، ورافق رفقة في طريق الشام فسرق منهم أيضًا فأخذوه ورجموه (٢) {بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ} بما هداك الله وبيَّن لك. و (الخصيم): في الباطل، و (الخصم): في الحق.
{وَاسْتَغْفِرِ اللَّهَ} لما هممت من مبادرة الوحي ومعاقبة اليهودي.
{وَلَا تُجَادِلْ} ولا تخاصم ولا تدافع عن بني أُبيرق {مَنْ كَانَ} أي: مَنْ هُوَ خوّان أثيم.
{يَسْتَخْفُونَ} ويتوارون في اختلاف المعذرة، {وَلَا يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللَّهِ} لا يخفون عليه {مُحِيطًا} لا يفوته أعمالهم {هَا أَنْتُمْ هَؤُلَاءِ} خطاب متوجه إلى المثنين علي بني أُبيرق المزكين إياهم، أي: هب أنكم دافعتم اليهودي عنه {فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} فهل من يدافع الله عنهم يوم القيامة {وَكِيلًا} كفيلًا، استفهام بمعنى النهي على سبيل التهديد.
{وَمَنْ يَعْمَلْ} ندب ودعوة للذين والوْا بني أبيرق سواء ما يسوء به غيره من الغصب والسرقة ولخونهما {أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ} بما يتعداه من الذنوب ثم يستغفر الله بالحزن والندامة.
{فَإِنَّمَا يَكْسِبُهُ عَلَى نَفْسِهِ} يرجع وباله إليه في الحقيقة.
(الخطيئة): ما أصيب خطأ كالقتل ونحوه، و (الإثم): ما أصيب عمدًا، وقيل: من المعاصي ما يسمى خطية ومنها ما يسمى إثمًا.
(١) في الأصل: (ادعينها).
(٢) هذه رواية ابن جرير (٧/ ٤٦٨، ٤٦٩)، وله شواهد كثيرة عند ابن أبي حاتم (٤/ ١٠٦٣،
١٠٦٦).