و"الباء" في "بكل فاكهة" متصل بالمعنى أيضاً، أي يدعون ويأمرون
فيها بإحضار كل فاكهة.
وقيل: "الباء" للحال، كما تقول: خرج بثيابه، أي متلبسا.
قوله: (إِلَّا الْمَوْتَةَ الْأُولَى)
فيها أقوال للمفسرين، وفي كل واحد منها
اعتراض، أحدها: "إلا" ها هنا بمعنى بعد، وهذا القول يدفعه قوله
(فيها) .
والثاني: أن "إلا" ها هنا بمعنى سوى، وهذا يدفعه المعنى، لأن
"إلا" تكون ناقصة أبداً، وإذا جعلت بمعنى سوى تكون زائدة، فإنه إذا قال:
له على درهم سوى الدرهم الأول، يلزمه درهمان، فإذا قال: ليس له على
درهم إلا الدرهم الأول، يلزمه درهم، فيؤدي المعنى إلى أنهم يذوقون من
جنس الموتة الأولى.
والثالث: أن الاستثناء منقطع، أي لكن الموتة الأولى
فقد ذاقوها.
وهذا لولا الإضمار حسن.
والرابع: أخبرهم بذلك وهم أحياء في الدنيا، فاستثنى الموتة الأولى، فيدفع هذا القول أيضاً بقوله: (فيها) .
الخامس: هم وقت المعاينة ينظرون إلى الجنة، فكأنهم فيها، وهذا يدفعه
قوله "كأنهم".
الغريب: قال الشيخ الإمام: يحتمل أن قوله: (فيها) حال مقدر من
الضمير في "يذوقون"، وليس من صلة الذوق، فيكون المعنى، لا يذوقون
متوقعين للدخول في الجنة الموت إلا الموتة الأولى.
وقال الشيخ الإمام: يحتمل أيضاً أن الضمير في قوله (فيها) يعود إلى الآخرة، لا إلى الجنة، لأن هذا حكم عام لأهل الجنة وأهل النار، وإذا عاينوا الملك فقد صاروا في الآخرة، لأن الموت أول أحكام الآخرة، والقبر أول منزل من منازل الآخرة، ولا تقبل التوبة فيها، لأنها من الآخرة، فصح الاستثناء - والله أعلم -.
قوله: (فَضْلًا مِنْ رَبِّكَ) .
نصب على المصدر، وما قبله يدل على فعله، أي تفضل عليهم