قوله: (وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ) .
في تكرار هذه الآية ثلاث مرات مع استواء حكمها، أقوال:
أحدها: الأولى في مسجد المدينة، والثانية خارج المسجد، والثالثة خارج البلد.
وقيل: الأولى نسخ القبلة. والثانية لسبب وهو قوله: (وَإِنَّهُ لَلْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ، والثالثة للعلة، وهو قوله: (لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ) : وقيل: في الآيات الثلاث خروجان: خروج إلى مكَان يرى فيه الكعبة، وخروج إلى مكان لا يرى فيه الكعبة، أي الحالتان فيه سواء.
والغريب: ما قلت أن إحداهما: لجميع الأحوال، والأخرى لجميع
الأزمان، والثالثة لجميع الأمكنة.
والعجيب: ما قلت أيضاً إن في الآية الأولى (وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ) .
وليس فيها (وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ) ، وفي الآية الثانية: (وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ) ، وليس فيها (وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ) ، فجمع في الآية الثالثة بين قوله: (وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ) ، وقوله: (وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ)
ليعلم أن النبي والمؤمنين في ذلك سواء.
قوله: (إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ) .
في الاستثناء قولان:
أحدهما: أنه منقطع، وهو أن تكون "إِلَّا" فيه بمنزلة "لكن" أي: "لكن ظَلَمُوا مِنْهُمْ يأتون الشبه ويجعلونها مكان الحجة"، وذلك أن المشركين، قالوا: إن محمداً علم أنَّا أهدى سبيلاً منه، فتوجه إلى قبلتنا، وهذا قول الجمهور. والثاني: أن الاستثناء متصل، والمراد با لحجة، الاحتجاج.