قيل: هما لغتان، وقيل: الفتح مصدر شققت الشيء بنصفين (١)، والكسر بمعنى المشقة، وذهب بعضهم إلى أن معناه (٢): لم تكونوا بالغيه إلا بنصف النفس لذهاب نصفها بالتعب، أي: بنصف قوى أنفسكم، ومعنى {لَمْ تَكُونُوا بَالِغِيهِ} لا تسيرون إليه إلا بمشقة شديدة، فكيف كنتم تقدرون على نقل أمتعتكم، وقيل: {إِلَّا بِشِقِّ الْأَنْفُسِ} لولاها، فحذف لولاها، لأن الحال يدل عليه.
{إِنَّ رَبَّكُمْ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ (٧)} ومن رأفته خلق لكم ما خلق.
{وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ} هي عطف على قوله: {وَالْأَنْعَامَ خَلَقَهَا}.
{لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً} أي: لتركبوها ولتتزيَّنوا بها، فحذف اللام؛ لأن الأولى تدلُّ عليها.
وقيل: وجعلها زينة.
قال ابن عباس رضي الله عنهما (٣): ولحم الخيل حرامٌ؛ لأنها للركوب والزينة (٤).
قال جابر رضي الله عنه: لحمه حلال، وقال (٥): كنا نأكل لحم الخيل على عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- (٦).
{وَيَخْلُقُ مَا لَا تَعْلَمُونَ (٨)} بعد هذه الأشياء، فإن خلق الله في البر والبحر والهواء أكثر من أن يُعدّ ويُحصى.
وروي عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (إن الله تعالى خلق أرضاً بيضاء مثل الدنيا ثلاثين مرة (٧) محشوة خلقاً من خلق الله لا يعلمون أن الله يعصى طرفة عين واحدة)، قالوا: يا رسول الله: أمِنْ ولد آدم؟ قال (٨): (مايعلمون أن الله خلق آدم)، قالوا (٩): فأين
(١) هكذا في جميع النسخ (بنصفين) بالباء في أولها.
(٢) في (د): (إلى أن المعنى).
(٣) في (د) زيادة (ابن عباس والحكم).
(٤) أخرجه الطبري ١٤/ ١٧٣ - ١٧٥ عن ابن عباس والحكم.
(٥) في (ب): (وقال قتادة).
(٦) أخرجه مسلم في صحيحه (١٩٤١)، وعبدالرزاق في «المصنف» (٨٧٣٣)، والطبري ١٤/ ١٧٦، والنسائي (٤٣٤٣)، وابن ماجه (٣١٩٧). وعن حكم لحم الخيل يمكن الرجوع إلى: «المحرر الوجيز» ٨/ ٣٧٥، و «الجامع» للقرطبي ١٢/ ٢٨١ - ٢٨٤.
(٧) سقطت كلمة (مرة) من (أ).
(٨) سقطت (قال) من (ب).
(٩) سقطت (قالوا) من (د).