وفي الباء قولان:
أحدهما: أنه متصل بقوله {وَمَا أَرْسَلْنَا}، أي: وما أرسلنا من قبلك بالبينات والزبر إلا رجالاً، وفيه ضعف لحيلولة الاستثناء بينهما، فذهب بعض النحاة إلى أن {إِلَّا} هاهنا وصف، كغير، كما في قوله {لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ} الأنبياء: ٢٢.
والثاني: أنه متصل بمحذوف تقديره: إلا رجالاً أُرسلوا بالبينات والزبر، فيكون وصفاً للرجال.
والمعنى: إن كنتم لا تعلمون فإنهم (١) يعلمونكم أن الله لم يبعث إلى أمة إلا آدمياً رجلاً.
وقال القرظي: قال -صلى الله عليه وسلم-: (لا يحل للعالم إلا أن يبذل علمه، ولا يحل للجاهل إلا أن يتعلم) ثم تلا {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ (٤٣)} (٢).
{وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ} القرآن، وقيل: العلم.
{لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ} بلسان العرب.
{مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ} من الأحكام والمواعظ.
{وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ (٤٤)} فيعلموا (٣) أنه كلام الله.
{أَفَأَمِنَ الَّذِينَ مَكَرُوا السَّيِّئَاتِ} احتالوا لهلاك (٤) الأنبياء، وقيل: ظلموا أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وراموا (٥) صدهم (٦) عن دينهم.
{أَنْ يَخْسِفَ اللَّهُ بِهِمُ الْأَرْضَ} كما فعل بقوم لوط، وقيل: كما فعل بنمروذ.
وقيل: يغوروا في الأرض فيهلكوا.
{أَوْ يَأْتِيَهُمُ الْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لَا يَشْعُرُونَ (٤٥)} بَغتة من غير سابقة.
{أَوْ يَأْخُذَهُمْ فِي تَقَلُّبِهِمْ} مجيئهم وذهابهم في ديارهم وأسفارهم.
(١) في (د): (فإنه).
(٢) لم أجده، ولكن أخرج الطبراني في «الأوسط» (١٨١ - مجمع البحرين) من حديث جابر رضي الله عنه عن النبي -صلى الله عليه وسلم-: (لا ينبغي للعالم أن يسكت على علمه ولا ينبغي للجاهل أن يسكت على جهله) قال الهيثمي في «مجمع الزوائد»: فيه محمد بن أبي حميد وقد أجمعوا على ضعفه.
ونقل الزبيدي في «إتحاف السادة المتقين» ١٠/ ٢١ عن العراقي تضعيفه، وزاد في عزوه إلى ابن السني وأبي نعيم في رياضة المتعلمين. وزاد السيوطي ٩/ ٥٢ نسبته لابن مردويه.
(٣) في (د): (فيتعلموا).
(٤) في (أ): (هلاك) بدون حرف اللام.
(٥) في (د): (ورموا).
(٦) من هنا بدأ سقط في نسخة (د)، وامتد إلى أثناء تفسير الآية (١٢٥) من السورة.