الزجاج: نصب على الحال، أي: في حال كونه طيناً.
وقال الزجاج أيضاً: هو نصب على التمييز (١).
{قَالَ أَرَأَيْتَكَ هَذَا الَّذِي كَرَّمْتَ عَلَيَّ} أي: كَرَّمْتَهُ عليَّ، والمعنى: فَضَّلْتَهُ عليَّ بإسجاد الملائكة.
الزجاج: {أَرَأَيْتَكَ} في معنى أخبرني، والكاف لا موضع له من الإعراب، والجواب محذوف، أي: أخبرني عن هذا الذي كَرَّمتَ عَليَّ لمَ كرَّمته عليَّ وقد خلقتني من نار وخلقته من طين، فحذف لأن في الكلام دليلاً عليه (٢).
{لَئِنْ أَخَّرْتَنِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ} أي: أخَّرتَ إماتتي وتركتني حيّاً.
{لَأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ إِلَّا قَلِيلًا (٦٢)} أي: أُضِلَّنَّهُم، اللام الأولى لام توطئة القسم، والثانية (٣) لام جواب القسم.
و{لَأَحْتَنِكَنَّ} عند بعضهم من: حنكت الدابة واحتنكتها، إذا جعلت في حنكها الأسفل حبلاً تقودها به، وعند بعضهم من: احتنكت الجرادُ الأرضَ، إذا أكلت نباتها، قال (٤):
أشكو إليكم سنةً قد أَجْحَفَتْ ... واحتنكتْ أموالنا وجَلَّفَتْ
(١) ذكر الزجاج القولين في «معاني القرآن» ٣/ ٢٤٨ - ٢٤٩.
(٢) انظر: «معاني القرآن» للزجاج ٣/ ٢٤٩.
(٣) في (د): (والثاني).
(٤) هكذا البيت في النسخ الثلاث، وعند الطبري ١٤/ ٦٥٤:
نشكو إليك سنةً قد أجحفتْ ... جَهْداً إلى جَهْدٍ بنا فأضْعفتْ
واحتنكت أموالنا وجَلَّفَتْ. وهي عند أبي عبيدة في «المجاز» ١/ ٣٨٤.
وذكر بعض محققي كتب التفسير واللغة أن القائل مجهول، وعزاه بعضهم إلى أبي المرقال عطاء بن أسِيْدٍ الزَّفَيانُ، وقد رجعت إلى ديوانه الذي حققه الأستاذ محمد بن عبدالله الأطرم في رسالته للماجستير من كلية اللغة العربية بجامعة الأزهر، والتي قدمها عام ١٩٧٤ م فوجدته قد ذكرها كالتالي:
تشكو إليك سنة قد جلفت ... أموالنا من أصلها وجرَّفت.
وهي كذلك في «اللسان» و «التاج» (لهف). ومع اختلاف ما في الديوان عن الأبيات المذكورة فلا أستطيع الجزم بأنه قائل الأبيات. والله أعلم.