قوله: {فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ} قيل: منسوخة، والناسخ آية السيف، وقيل: بقوله: {وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيَانَةً} الأنفال: ٥٨، وقيل: محكم (١)، والمعنى: فاعف عنهم واصفح بعد أن أعطوا الجزية وحقنوا الدم. {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (١٣)}.
{وَمِنَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى} قيل: تقديره: ومن الذين قالوا إنا نصارى قوم أخذنا، أو: من أخذنا، وقيل: (من) متصل بـ {أَخَذْنَا} وهذا (٢) أظهر.
الحسن: إنما قال: {قَالُوا إِنَّا نَصَارَى} ليدل على أنهم ابتدعوا النصرانية وتسموا بها (٣).
ويحتمل: أي لهم الدعوى لا المعنى، لأنهم لم يقوموا بما أمروا به في شرعهم.
{أَخَذْنَا مِيثَاقَهُمْ} أمرناهم بتوحيد الله والإيمان برسله وشرائعه.
{فَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ فَأَغْرَيْنَا} ألصقنا، والغراء: ما يلصق به الشيء، وقيل: حرّشنا.
{بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ} مجاهد: بين اليهود والنصارى (٤)، الربيع: بين النصارى خاصة (٥).
{إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ} يوم البعث؛ بالأهواء المختلفة والمقاتلة، فإن النصارى اختلفوا فصاروا فرقاً: يعقوبية ونَسْطورية وملكا نية (٦).
(١) انظر: «النسخ في القرآن الكريم» للدكتور: مصطفى زيد ٢/ ٥٣٥ فقد ذهب إلى أنه لا نسخ في الآية أيضاً.
(٢) في (جـ): (وهو أظهر).
(٣) نقله ابن الجوزي في «زاد المسير» ٢/ ٣١٥ عن الحسن بمعنى ما هو مذكور أعلاه.
(٤) «تفسير مجاهد» (ص ٣٠٤)، والطبري ٨/ ٢٥٩.
(٥) الطبري ٨/ ٢٦٠ عن الربيع بن أنس ورجحه الطبري كذلك.
(٦) في (ب) و (جـ): (وملكية)، وفي ذلك يقول الشهرستاني في «الملل والنحل»: (افترقت النصارى اثنتين وسبعين فرقة، وكبار فرقهم ثلاثة: الملكانية، والنسطورية، واليعقوبية) ثم عرّف بالأولى فقال: (أصحاب ملكا الذي ظهر بأرض الروم واستولى عليها. ومعظم الروم ملكانية) (ص ١٠١)، وقال ابن عاشور ٦/ ١٥٣: (وهم الجاثلقية «الكاثوليك»).