وروي عن ابن عباس، رضي الله عنهما أن في الآية تقديماً وتأخيراً تقديره: حتى تسلموا وتستأذنوا، أي: حتى تقولوا: السلام عليكم أأدخل (١).
وقد جاء مرفوعا أنه عَلَّم الرَّجل الاستئذان فقال له: "قل السلام عليكم أأدخل عليكم" (٢) والأكثر (٣) على أن السلام مسنون بعد الإذن على ظاهر الآية، ولأن السلام تحية اللقاء واللقاء بعد الإذن والسلام ندب والاستئذان حتم.
وقيل: إن وقعت العين على العين قبل الأذن فالأولى تقديم السلام على الاستئذان وإلا قدم الاسئذان على السلام، ولا يستأذن الرجل في دخوله منزله لقوله {غَيْرَ بُيُوتِكُمْ} والأفضل أن يعلم قبل دخوله بتنحنح أو غيره (٤).
{ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ} من أن تدخلوا بغير إذن.
{لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ} ما يجب عليكم من طاعته.
{فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فِيهَا} أي في البيوت. {أَحَدًا} يأذن لكم.
{فَلَا تَدْخُلُوهَا حَتَّى يُؤْذَنَ لَكُمْ وَإِنْ قِيلَ لَكُمُ ارْجِعُوا} انصرفوا.
{فَارْجِعُوا} ولا تلحوا ولا يسوؤكم ذلك فإن للناس حاجات.
{هُوَ أَزْكَى لَكُمْ} أي: الانصراف أنفع لدينك ودنياكم وأقرب إلى التزكية.
(١) وهو مروي أيضاً عن ابن مسعود رضي الله عنه.
انظر: جامع البيان لابن جرير (١٧/ ٢٤١).
(٢) أخرجه أبو داود (ك: الاستئذان، باب: كيفية الاستئذان، ح: ٥١٧٧)، والبيهقي في الشعب (٦/ ٤٤٠).
(٣) في ب: "الأكثرون".
(٤) في ب: "أو غير" بغير الهاء.
وقد أخرج ابن جرير في جامع البيان (١٧/ ٢٤٥) عن زينب امرأة ابن مسعود رضي الله عنه قالت: "كان عبد الله إذا جاء من حاجة فانتهى إلى الباب تنحنح وبزق، كراهة أن يهجم منا على ما يكرهه".