{أَفَلَمْ يَكُونُوا يَرَوْنَهَا} أما شاهدوا ذلك بأبصارهم فكيف لم يتعظوا ولم ينزجروا عن كفرهم بك.
{بل كَانُوا لَا يَرْجُونَ نُشُورًا} أي: حملهم على الكفر والمعاصي إنكارهم البعث، ومعنى {لَا يَرْجُونَ} لا يأملون الثواب، وقيل: لا يخافون العقاب (١).
وقيل: لا يظنون (٢).
{وَإِذَا رَأَوْكَ إِنْ يَتَّخِذُونَكَ إِلَّا هُزُوًا} أي: إذا أبصرك مشركوا قريش ما يتخذونك إلا هزواً، وهو الذي يهزأ منه كالسُّخْرة لما يسخر منه، والضُّحْكة لما يضحك منه.
{أَهَذَا الَّذِي بَعَثَ اللَّهُ رَسُولًا} أي: هذا الذي يزعم أنه بعثه الله إلينا رسولاً، قالوه إنكاراً واستصغاراً لقدره، وقيل: نزلت في أبي جهل (٣).
{إِنْ كَادَ لَيُضِلُّنَا عَنْ آَلِهَتِنَا} يصرفنا بسحره وطلاوة كلامه عن الآلهة و (أن) هي المخففة من المثقلة، واللام لام الفرق، والمعنى: قارب إضلالنا بصرفه إيانا عن دين معبودينا.
{لَوْلَا أَن صَبَرْنَا عَلَيْهَا} لتم له كيده، وجواب (لولا) محذوف دل عليه أول الكلام، وقيل: كاد من الكيد، وهو عمل في خُفية.
{وَسَوْفَ يَعْلَمُونَ حِينَ يَرَوْنَ الْعَذَابَ مَنْ أَضَلُّ سَبِيلًا} أجابهم الله وقال إنما يظهر المحق من المبطل عند رؤية العذاب يوم القيامة من أضل سبيلاً أنت أم هم (٤)، ووصف (٥) السبيل بالضلال مجازاً والمراد سالكوها.
(١) انظر: الوسيط للواحدي (٣/ ٣٤١).
(٢) انظر: معاني القرآن للنحاس (٤/ ٥٥)، قال: "والمعنى: بل كانوا لايرجون ثواب من عمل خيراً بعد البعث فركب المعاصي".
(٣) وذلك حينما قال لأبي سفيان "أهذا نبي بني عبد مناف".
انظر: بحر العلوم للسمرقندي (٢/ ٤٦١).
(٤) في ب: "أهم أضل سبيلاً أم أنت".
(٥) في ب: "وصف" بواو واحدة.