{وَاغْفِرْ لِأَبِي إِنَّهُ كَانَ مِنَ الضَّالِّينَ (٨٦)} أي: الكافرين كفر جهالة وذهاب عن الصواب لا كفر عناد (١)، وكان هذا الدعاء (٢) منه في حياة أبيه يتوقع منه الإيمان فلما مات على الكفر تبرأ منه، وجاز هذا الدعاء قبل أن يعلم استحالة ذلك بموته على كفره، وقد ذكر الله عذره في القرآن في قوله {وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ إِلَّا عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَهَا إِيَّاهُ} الآية التوبة: ١١٤.
ومعنى {كَانَ} في الآية قيل: صار (٣).
وقيل: معناه كان قديم الضلال (٤).
وقيل: هو، كقوله {مَنْ كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا} مريم: ٢٩ (٥).
{وَلَا تُخْزِنِي يَوْمَ يُبْعَثُونَ (٨٧)} لا تفضحني. قيل: بسبب والدي. وقيل: هو التعيير بالذنب. وقيل: لا تهلكني (٦).
{يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ (٨٨) إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ (٨٩)} أي: لا ينفع مال ولا بنون كما ينفع في الدنيا يفدي ماله ويذب عنه بنوه. وقيل: المراد بالبنين جميع الأعوان (٧).
{إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ (٨٩)} أي: لا ينفع إلا موافاة ذلك الموقف بقلب سليم فيكون الاستثناء منقطعًا.
(١) وهو مخالف لما بينه الله في قوله {قَالَ أَرَاغِبٌ أَنْتَ عَنْ آَلِهَتِي يَا إِبْرَاهِيمُ لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ لَأَرْجُمَنَّكَ} مريم: ٤٦.
(٢) في ب: " وكان هذه الدعاء " والصواب المثبت.
(٣) انظر: غرائب التفسير (١/ ٦٩٥).
(٤) انظر: معاني القرآن للزجاج (٣/ ٢٦٨).
(٥) حكاه ابن قتيبة في تأويل مشكل القرآن (٢٩٥).
(٦) لم أقف عليها، والله أعلم.
(٧) انظر: الجامع لأحكام القرآن للقرطبي (١٣/ ١١٤)