وقيل: تهتدي إلى التوحيد وتستدل بعرشها على قدرة الله ونبوتي، أم لا؟ (١).
قال المفسرون: إن الشياطين خافت أن يتزوجها سليمان فتفشى إليه أسرار الجن فلا ينفكون في تسخير سليمن وذريته من بعده، فأساءوا القول فيها وقالوا: إن في عقلها شيئاً، وإن رجلها كحافر الحمار فأراد سليمن - عليه السلام - أن يَخْبَرَ عقلها بتنكير عرشها وينظر إلى قدميها ببناء الصرح (٢).
وقيل: قابلها بتنكير العرش وبناء الصرح في مقابلة تبديل ثياب الغلمان والجواري (٣)، وبعث الحقة التي فيها جواهر تمتحنه يعلم ذلك أم لا (٤).
{فَلَمَّا جَاءَتْ} أي: بلقيس.
{قِيلَ أَهَكَذَا عَرْشُكِ قَالَتْ كَأَنَّهُ هُوَ} فأجابت أحسن جواب لم تثبت ولم تنكر لاحتمال الأمرين، شبهوا عليها بقولهم {أَهَكَذَا عَرْشُكِ} فشبَّهت عليهم بقولها (٥)
{كَأَنَّهُ هُوَ}.
{وَأُوتِينَا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهَا وَكُنَّا مُسْلِمِينَ (٤٢)} قيل: هذا من كلام بلقيس أي: أوتينا العلم بصحة نبوتك بالآيات المتقدمة من أمر الهدهد والرسل من قبل هذه المعجزة يعني إحضار العرش. {وَكُنَّا مُسْلِمِينَ} مطيعين لأمرك منقادين لك (٦).
وقيل: هذا من كلام سليمان أي: وأوتينا العلم بإسلامها ومجيئها طائعة من قبل مجيئها
(١) حكاه في النكت والعيون (٤/ ٢١٥).
(٢) وقد ضعف ذلك ابن كثير في تفسيره (٣/ ٣٧٩)، وبيَّن أنه منكر غريب جداً، وأنها متلقاة عن أهل الكتاب.
(٣) في ب: "بتنكير العرش وبناء الصرح تبديل الغلمان والجواري".
(٤) في ب: " التي فيها الجواهر وتمتحنه بعلم ذلك "، وانظر: ما ذكره ابن جرير في جامع البيان (١٨/ ٨١) عن وهب بن منبه.
(٥) في ب: " بقولنا ".
(٦) حكاه الثعلبي في الكشف والبيان (٧/ ٢١٢).