وقيل: اتخذتموه مودة بينكم لتُتْرَكوا وما هَوَيْتم ولا تكونوا مأمورين ولا منهيين وإنما ذلك بينكم في الدنيا فإذا صرتم إلى الآخرة تبرأ بعضكم من بعض من قوله {الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ} الزخرف: ٦٧، ويلعن بعضكم بعضاً من قوله {كُلَّمَا دَخَلَتْ أُمَّةٌ لَعَنَتْ أُخْتَهَا} الأعراف: ٣٨ ومأوي المتحابين جهنم والنار من غير أن يمنعهم عنها منعة (١).
وفي إعراب الآية كلام، قرئ (مودة) بالرفع والنصب، (بينكم) بالنصب والجر الرفع (٢) من ثلاثة أوجه:
أحدها: أن يكون خبراً لـ (إن) و (ما) بمعنى: الذي.
والثاني: هي مودة بينكم خبر مبتدأ محذوف.
والثالث: بالابتداء، والخبر {فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا}، وهذا قول الفراء (٣).
والوجه الأول أحسنها.
والنصب من خمسة أوجه:
أحدها: أن يكون المفعول الثاني كما تقول أخذت زيدًا خليلاً و (ما) يكون كافة لأن. والثاني: أن يكون مفعولاً له أي: للمودة.
والثالث: أن يكون حالاً أي: متوادين.
والرابع: أن يكون تمييزا.
والخامس: أن يكون بدلاً من الأوثان كأنه جعل الأوثان المودة على السعة، والوجه الأول أحسنها.
(١) انظر: معاني القرآن للفراء (٢/ ٣١٦).
(٢) قرأ ابن كثير، وأبو عمرو، والكسائي " مودةُ " بدون تنوين خبر أن على حذف المضاف، وقرأ نافع، وابن عامر، وأبو بكر عن عاصم " مودةً بَيْنِكم " أي: اتخذتم الأصنام للمودة، وقرأ حمزة، وحفص عن عاصم " مَودةَ بينِكم " بنصب " مودة " مع الإضافة.
انظر: السبعة لابن مجاهد (٤٩٩)، النشر (٢/ ٣٤٣)، الإتحاف لابن البنا (٢/ ٣٤٩).
(٣) انظر: معاني القرآن للفراء (٢/ ٣١٦).