{أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ} أي: ألا ينظرون حال مسيرهم في ذهابهم ومجيئهم (١) إلى مصارع من كان قبلهم من الأمم الخالية وآثارهم (٢) نَظَرَ تفكر واعتبار.
ثم ابتدأ فقال: {كَانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً} أي: الأمم الماضية كانوا أشد قوة من قريش.
{وَأَثَارُوا الْأَرْضَ} قلبوا وجه الأرض لاستنباط المياه، واستخراج المعادن، وإلقاء البذور فيها للزراعة.
وقيل: {وَأَثَارُوا الْأَرْضَ}: حرثوها (٣).
والإثارة: تحريك الشيء حتى يرتفع ترابه (٤).
{وَعَمَرُوهَا أَكْثَرَ مِمَّا عَمَرُوهَا} فيه ثلاثة أوجه:
أحدها: من العُمُر أي: بقوا هم فيها أكثر من بقاء هؤلاء، والتقدير: مماعُمِّروا فيها (٥). والثاني: من العُمْرَى أي: سكنوا فيها.
والثالث: من العِمَارة (٦).
{وَجَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ} بالمعجزات.
{فَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ} أي: فكفروا فأهلكهم الله عدلاً منه لا ظلماً.
{وَلَكِنْ} بل.
{كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ (٩)} الظلم يأتي على ثلاثة أوجه: وضع الشيء غير موضعه، والنقصان، وأخذ الشيء قبل وقته. والآية تحتمل المعاني الثلاثة.
(١) في ب " في مجيئهم وذهابهم ".
(٢) في ب " من الأمم وآثارهم ".
(٣) انظر: معالم التنزيل للبغوي (٦/ ٢٦٢).
(٤) قال في المفردات (١٨٠)، مادة: ثَوَرَ " ثار الغبار والسحاب يثور ثوراً وثوراناً: انتشر ساطعاً، وقد أثرته، وثارت الحصبة ثوراً تشبيهاً بانتشار الغبار، والثَّور: البقر الذي يُثَار به الأرض ".
(٥) في ب " مما عمروا فيها ".
(٦) انظر: معاني القرآن للفراء (٢/ ٣٢٢)، جامع البيان لابن جرير (١٨/ ٤٦٥).