{فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ قَاضٍ وَجُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا} الصبا قلعت خيامهم، وأكفأت قدورهم، فلم يمكنهم القرار في مواضعهم، وكانت تلك الريح معجزةً لرسول الله صلى الله عليه وسلم، لأنه لم يكن بين العَسْكَرين إلا مقدار يسير يرى فيه بعضهم بعضًا (١)، فأنزل الله على الكافرين ريحاً شغلتهم بأنفسهم، وقلعت أخبيتهم، وأبنيتهم، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم وأهل عسكره من ذلك في عافية (٢).
{وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ} من حفر الخندق، إن قرأت بالتاء، وبما يعمل المشركون وجنودهم من المحاربة إن قرأت بالياء (٣).
{بَصِيرًا (٩)} عالمًا. {إِذْ جَاءُوكُمْ} بدل من {إِذْ جَاءَتْكُمْ}.
{مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ} أي: من جوانب مكة والمدينة، وصفهم
بالكثرة والانثيال عليهم (٤).
{وَإِذْ زَاغَتِ الْأَبْصَارُ} عدلت عن مَقَرِّها. وقيل: شخصت طامحةً من الفزع (٥).
الفرَّاء: مالت عن كل شيء إلا إلى عدوها تنظر إليها متحيرة لشدة الأمر وصعوبته عليكم (٦).
(١) في أ "يرى بعضهم بعضاً".
(٢) في أ "وأهل عسكره في عافية".
(٣) قرأ أبو عمرو، بالياء (بما يعملون)، وقرأ الباقون بالتاء (بما تعملون).
انظر: السبعة (٥١٨)، النشر (٢/ ٣٤٧).
(٤) الثَّوْل: الجماعة، والثَّوالة: الجماعة من الناس والجراد، وتثول عليه القوم، وانثالوا: علوه بالشتم، والضرب، والقهر، وانثال عليه الناس من كل وجه أي: انصبوا.
انظر: لسان العرب (٢/ ١٥٠)، القاموس المحيط (١٢٥٨)، مادة: ثول.
(٥) قاله قتادة.
انظر: جامع البيان لابن جرير (١٩/ ٣٥).
(٦) انظر: معاني القرآن للفراء (٢/ ٣٣٦).