{إِلَّا نَذِيرٌ لَكُمْ بَيْنَ يَدَيْ عَذَابٍ شَدِيدٍ (٤٦)} قُدَّام عذاب شديد إما في الدنيا وإما في الآخرة.
{قُلْ مَا سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ فَهُوَ لَكُمْ} فيه أقوال:
أحدها: أن {مَا} نفي أي: لا أسألكم على الرسالة مالاً وجُعْلاً فهو لكم أي: مالُكُم لَكُم من غير تعرض (١).
الثاني: هو كالرَّجُل يقول لمن لا يقبل نُصحه: ما أعطيتني من أجر فخذه أي: النُّصْح مَجَّان (٢).
الثالث: الذي سألتكم أن تعطونيه (٣) نفعه راجع إليكم وهو أن تقبلوا مني ما تنجون به لا أسألكم أجرًا سوى هذا (٤).
الرابع: قال الكلبي: " هذه الآية ناسخة لقوله {قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى} الشورى: ٢٣ أي: الذي سألتكم من مودة القربى فهو لكم لأنهم قالوا: يحثنا محمد على حب قرابته ويشتم آلهتنا، وزيَّف بعضهم هذا القول (٥).
{إِنْ أَجْرِيَ} ثوابي.
{إِلَّا عَلَى اللَّهِ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (٤٧)} هذا تأكيد لقوله {لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا}.
{قُلْ إِنَّ رَبِّي يَقْذِفُ بِالْحَقِّ} أي: يأتي به.
وقيل: {يَقْذِفُ بِالْحَقِّ} يرمى بالإسلام في الآفاق (٦).
(١) قاله قتادة.
انظر: جامع البيان لابن جرير (١٩/ ٣٠٦).
(٢) حكاه البغوي في معالم التنزيل (٦/ ٤٠٥).
(٣) في ب: "تعطونه".
(٤) حكاه الماوردي في النكت والعيون (٤/ ٤٥٦).
(٥) انظر: غرائب التفسير للكرمان (٢/ ٩٤٠) وقد ضعف هذا القول.
(٦) قاله الكلبي.
انظر: الوسيط للواحدي (٣/ ٤٩٩).
القَذْف: الرمي البعيد، يقال: بلدة قَذوف: بعيدة، واستعير القذف للشتم والعيب كما استعير الرمي.
انظر: المفردات للراغب (٦٦١)، مادة: قذف.