{مَا أُنْذِرَ آَبَاؤُهُمْ} أي: في الفترة، والأكثرون على أن {مَا} للنفي لقوله {وَمَا أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمْ قَبْلَكَ مِنْ نَذِيرٍ} سبأ: ٤٤ يعني: العرب، والمراد: آباؤهم الأدنون فإن آباءهم الأقدمين أتاهم المنذرون لا محالة.
وقيل: {مَا} بمعنى: الذي فيكون محله نصبًا أي: العذاب الذي انذر آبائهم ذلك كقوله (١)
{أَنْذَرْنَاكُمْ عَذَابًا قَرِيبًا} النبأ: ٤٠ (٢).
وقيل: لتنذر كما أنذر آباؤهم، فتكون صفة مصدر محذوف (٣).
وقيل: بما أنذر آبائهم فحذف الجار ونصب (٤).
{فَهُمْ غَافِلُونَ (٦)} {فَهُمْ} كتانة عن القوم، ومَنْ جعله نفيًا جاز أن يعود إلى الآباء.
والغَفْلَة: ذهاب المعنى عن النفس، والنسيان: ذهاب المعنى عن النفس بعد حضوره (٥).
{لَقَدْ حَقَّ الْقَوْلُ عَلَى أَكْثَرِهِمْ فَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ (٧)} أي: وجب السُّخْط لأنهم لا يؤمنون، وجُل المفسرين على أن القول {لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ} السجدة: ١٣.
وقيل: حق القول كقوله {كَلِمَةُ الْعَذَابِ} (٦) الزمر: ٧١.
{إِنَّا جَعَلْنَا فِي أَعْنَاقِهِمْ أَغْلَالًا} الغِلّ: قيدٌ يجمع اليمين والعنق (٧).
(١) في أ: "كقولنا".
(٢) انظر: جامع البيان لابن جرير (١٩/ ٤٠٢).
(٣) انظر: معاني القرآن للزجاج (٤/ ٢١٠، ٢٠٩).
(٤) انظر: المصدر السابق (٤/ ٢١٠، ٢٠٩).
(٥) الغفلة: سهو يعتري الإنسان من قلة التحفظ والتيقظ. وأما النسيان فهو: ترك الإنسان ضبط ما استُودِع؛ إما لضعف قلبه، وإما عن غفلة، وإما عن قصد حتى ينحذف عن القلب ذكره.
انظر: المفردات (٦٠٩)، مادة: غفل، و (٨٠٣)، مادة: نسي.
(٦) حكاه الزجاج في معاني القرآن (٤/ ٢١٠).
(٧) ولا يكون الغِل إلا باليمين والعنق جامعاً بينهما.