{قَالُوا يَاوَيْلَنَا مَنْ بَعَثَنَا مِنْ مَرْقَدِنَا} أي: من قبورنا (١).
وفي تسميته مرقداً ثلاثة أقوال:
أحدها: أن العذاب يخفف عنهم أربعين سنة بين النفختين (٢).
والثاني: من عِظَمِ ما صاروا إليه عَدُّوا ما كانوا فيه من العذاب رقوداً (٣).
والثالث: كانوا في الدنيا مختلطة عقولهم فبعثوا كذلك فظنوا أنهم كانوا نياماً (٤).
وقوله {هَذَا} يجوز أن يكون من صفة {مَرْقَدِنَا}.
{مَا وَعَدَ الرَّحْمَنُ وَصَدَقَ الْمُرْسَلُونَ (٥٢)} مبتدأ خبره مضمر أي: حق.
وقيل: تقديره: بعثكم ما وعد الرحمن، فيكون جواباً من الملائكة، ويجوز أن يكون هذا مبتدأ وما بعده خبره (٥) وهو الأحسن.
واختلفوا في قائله (٦)؛ فقال بعضهم: هذا أيضاً من كلام الكفار أي: يؤمنون يومئذ فلا ينفعهم إيمانهم (٧).
وقال بعضهم: يقول لهم الملائكة كما سبق (٨).
وقال بعضهم: يقول لهم المؤمنون يجيبون به الكفار (٩).
(١) في ب: "أي: قبورنا" بغير "من".
(٢) قاله أبيّ بن كعب، وقتادة.
انظر: جامع البيان لابن جرير (١٩/ ٤٥٦).
(٣) حكاه البغوي في معالم التنزيل (٧/ ٢١).
(٤) لم أقف على قائله، والظاهر أنه قريب من القول الثاني.
(٥) في ب: "وما بعده خبر".
انظر: إعراب القرآن للنحاس (٣/ ٤٠٠).
(٦) في أ: "واختُلِف في قائله".
(٧) قاله عبد الرحمن بن زيد.
انظر: جامع البيان لابن جرير (١٩/ ٤٥٨).
(٨) في قوله {هَذَا مَا وَعَدَ الرَّحْمَنُ وَصَدَقَ الْمُرْسَلُونَ} على أنه مبتدأ حبره مضمر تقديره: بعثكم ما وعد الرحمن.
قال الحسن، والفراء، وابن قتيبة هم الملائكة.
انظر: معاني القرآن للفراء (٢/ ٣٨٠)، تأويل مشكل القرآن لابن قتيبة (٢٩٤)، النكت والعيون (٥/ ٢٤).
(٩) قاله مجاهد، وقتادة.
انظر: الوسيط للواحدي (٣/ ٥١٦)، واختاره ابن جرير في جامع البيان (١٩/ ٤٥٨)، وابن كثير في تفسيره (٣/ ٥٨٢)، لقوله تعالى {وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَالْإِيمَانَ لَقَدْ لَبِثْتُمْ فِي كِتَابِ اللَّهِ إِلَى يَوْمِ الْبَعْثِ فَهَذَا يَوْمُ الْبَعْثِ وَلَكِنَّكُمْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} الروم: ٥٦ قال ابن جرير "لأن الكفار في قيلهم {مَنْ بَعَثَنَا مِنْ مَرْقَدِنَا} دليل على أنهم كانوا بمن بعثهم من مرقدهم جهالاً وذلك من جهلهم استثبتوا، ومحال أن يكونوا استثبتوا ذلك إلا من غيرهم ممن خالفت صفته صفتهم في ذلك".