أقله، ولو قلته علمته، وتقديره: إن أكن قلته؛ لأن الشرط لا يصحّ مع لفظ الماضي، ومن ذهب إلى أن (كان) مستثنى من هذا الباب فقوله غير مرضيّ عند النُّحاة.
وقيل: {إِنْ} بمعنى: ما، وفيه بعد.
{تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي} ما أخفيه وأغيِّبه وأضمره (١)، إذ لا تخفى عليك خافية.
{وَلَا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ} ما تخفيه وتغيبه عن الناس.
و{نَفْسِي} غيبي، و {نَفْسِكَ} غيبك (٢).
وقيل: ذكر النفس ازدواجاً للكلام، كقوله: {اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ} البقرة: ١٥، و {وَمَكَرَ اللَّهُ} آل عمران: ٥٤ وقد سبق.
وقيل: النفس هاهنا: ما يذكر للتأكيد كالعين.
وقيل تقديره: تعلم ما في نفسي (٣) ولا أعلم ما في نفسي فأضافها إلى الله ملكاً وخلقاً، وهذا مزيف (٤).
{إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ (١١٦)} ذكر بلفظ المبالغة لجمع الغيوب (٥).
{مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلَّا مَا أَمَرْتَنِي بِهِ} أي: بأن أقوله.
(١) في (أ): (ما أخفيه وأغيبه وأضمر)، وفي (جـ): (ما أخفيه وأغيب وأضمر).
(٢) في (جـ): (ونفسي عيني ونفسك عينك).
(٣) في (ب): (ما في نفسك).
(٤) قال شيخ الإسلام ابن تيمية في «مجموع الفتاوى» ٩/ ٢٩٢ - ٢٩٣: (قال تعالى: {تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلَا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ} وقال: {كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ} وقال تعالى: {وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ} .... فهذه المواضع المراد فيها بلفظ النفس عند جمهور العلماء: الله نفسه، التي هي ذاته، المتصفة بصفاته، ليس المراد بها ذاتاً منفكة عن الصفات، ولا المراد بها صفة للذات، وطائفة من الناس يجعلونها من باب الصفات، كما يظن طائفة أنها الذات المجردة عن الصفات، وكلا القولين خطأ).
(٥) في (ب): (لجميع القلوب).