والمعنى لو أجبناهم إلى ما سألوا وأنزلنا كتاباً مكتوباً في كاغد.
ابن عباس رضي الله عنهما: طلبوا كتاباً معلقاً من السماء إلى الأرض (١).
ابن عيسى: التشديد لطول المكث بين السماء والأرض (٢).
قوله (٣): {فَلَمَسُوهُ بِأَيْدِيهِمْ} أي: عاينوه ومسوه (٤).
وخص اللمس لأنه يتقدمه الإبصار ولا يقع معه التزوير، وأسند إلى اليد توكيداً له (٥)، فإنه قد يستعمل للفحص كقوله: {وَأَنَّا لَمَسْنَا السَّمَاءَ} الجن: ٨.
قوله: {لَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا} ما هذا (٦).
{إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ (٧)} ظاهر، سُحِرَتْ أعيننا، أي: لو أجبناهم إلى ما سألوا لم يؤمنوا.
{وَقَالُوا لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ مَلَكٌ} أي: هلا، ومعناه التحضيض على الفعل، أي: أنزل معه ملك يكلمنا أنه نبي (٧).
فقال الله: {وَلَوْ أَنْزَلْنَا مَلَكًا لَقُضِيَ الْأَمْرُ} لعوجلت (٨) عقوبتهم.
وقيل: لقامت القيامة؛ لأن الملك يرى في القيامة وحالة الموت، ولأن الآية المقترحة إذا جاءتهم فلم يؤمنوا بها عاقبتهم في الحال من غير إهمال.
{ثُمَّ لَا يُنْظَرُونَ (٨)} لا يؤخرون طرفة عين.
{وَلَوْ جَعَلْنَاهُ} أي: المطلوب أو الرسول {مَلَكًا لَجَعَلْنَاهُ رَجُلًا} أي: ميّزناه آدمياً ذكراً، فإن الملائكة ليسوا بإناث.
الزجاج: لو أرسلناه ملكاً لم نرسله إلا في صورة إنسان؛ لأن الملائكة روحانيون لا يمكن النظر إليهم ولا المكالمة معهم، ولأنهم عظام الأجسام، لا يدرك بصر الإنسان منهم إلا اليسير من جملتهم (٩)، ولهذا كانوا يأتون الأنبياء على صورة الآدميين كدحية وأضياف إبراهيم ولوط وخصمي داود عليهم السلام، ورؤيتهم على هيئتهم معجزة فلا تكون إلا لنبي (١٠).
(١) ورد عند القرطبي ٦/ ٣٩٢، وقد سقطت كلمة (عباس) من (ب).
(٢) نقله القرطبي ٦/ ٣٩٣ غير معزوٍّ لأحد.
(٣) كلمة (قوله) وردت في (أ) فقط.
(٤) في (ب): (لمسوه).
(٥) سقطت كلمة (له) من (جـ).
(٦) سقطت كلمة (ما هذا) من (جـ).
(٧) في (ب): (أنك نبي).
(٨) في (ب): (أي جلت عقوبتهم).
(٩) في (ب) و (جـ): (منه إلا اليسير من جملته).
(١٠) انظر: «معاني القرآن» للزجاج ٢/ ٢٣١، وقد نقله الكرماني بالمعنى.