{وَلَلَبَسْنَا عَلَيْهِمْ} أي: لشبهنا وأشكلنا عليهم من أمره إذ كان سبيله كسبيلك يا محمد.
{مَا يَلْبِسُونَ (٩)} أي: على أنفسهم.
وقيل: على ضعفائهم، يقولون: إنما هذا بشر مثلكم.
أي: لبسنا لبساً كلبسهم، و {مَا} للمصدر.
وعن ابن عباس رضي الله عنهما: هم أهل الكتاب، لبس الله عليهم ما لبسوا (١) على أنفسهم بتحريف الكلام عن مواضعه (٢).
وحكى أقضى القضاة لجويبر (٣): للبسنا على الملائكة من الثياب ما يلبسه الناس (٤). وهذا لا تحتمله العربية؛ لأنك تقول: لبَست الأمر بالفتح؛ ألبِسه بالكسر؛ ولبِست الثوب بالكسر؛ ألبَسه بالفتح، وقرئ في الشواذ بالتشديد للمبالغة (٥).
وقيل: لخلطنا عليهم ما يخلطون.
{وَلَقَدِ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِنْ قَبْلِكَ} ثم عزى نبيه على ما أصابه من استهزاء قومه.
{فَحَاقَ بِالَّذِينَ سَخِرُوا مِنْهُمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ (١٠)} أي: نزل بهم وبال فعلهم.
الزجاج: الحيق: ما يشتمل على الإنسان من مكروه فعله (٦).
وقيل: معناه: وجب.
وقيل: حاق وحَقَّ بمعنىً.
{مَا كَانُوا} أي: الذي (٧)، ويجوز أن يكون للمصدر، أي: استهزاؤهم.
{قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ} أي: أبعدوا فيها نحو اليمن مرة ونحو (٨) الشام أخرى.
{ثُمَّ انْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ (١١)} لتروا كيف أهلكهم الله بعذاب الاستئصال، ومثل ذلك بالمرصاد لمن سلك سبيلهم بالكفر والفساد.
الحسن: سيروا في الأرض، أي: اقرءوا القرآن فانظروا كيف كان عاقبة المكذبين (٩).
(١) في (ب): (بالسوء).
(٢) أخرجه الطبري ٩/ ١٦٤، وابن أبي حاتم ٤/ ١٢٦٧ (٧١٣٦).
(٣) جويبر: تصغير جابر، ويقال اسمه جابر وجويبر لقب، ابن سعيد الأزدي، أبو القاسم البلخي، نزيل الكوفة، راوي التفسير عن الضحاك بن مزاحم، ضعيف الرواية، مات بعد الأربعين ومائة.
انظر: «تهذيب الكمال» للمزي ٥/ ١٦٧، و «تقريب التهذيب» (ص ١٤٣).
(٤) انظر: «النكت والعيون» للماوردي ٢/ ٩٦.
(٥) هي قراءة الزهري. انظر: «البحر المحيط» لأبي حيان ٤/ ٨٤، و «الدر المصون» للسمين ٤/ ٥٤٤. بينما ذكر في «الكشف والبيان» ٤/ ١٣٦ أنها للأزهري، ولكن المطبوعة فيها تحريف كثير.
(٦) انظر: «معاني القرآن» للزجاج ٢/ ٢٣١.
(٧) سقطت كلمة (الذي) من (ب).
(٨) سقطت كلمة (نحو) من (ب).
(٩) في (ب): ( ... القرآن وتأملوا ما وقع بهم فانظروا كيف كان حال المكذبين).
وهذا القول عن الحسن نقله الكرماني أيضاً في كتابه الآخر: «غرائب التفسير» ١/ ٣٥٣.