وقال أبو ميسرة: إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مَرَّ بأبي جهل وأصحابه، فقالوا يا محمد: إنا والله لا نكذبك (١)، إنك عندنا لصادق، ولكن نكذب ما جئت به، فنزلت: {فَإِنَّهُمْ لَا يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ (٣٣)} (٢).
وعن مقاتل: إنها نزلت في الحارث بن عامر بن نوفل، كان يُكذِّبُ النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- في العلانية، فإذا خلا مع أهل بيته قال: مامحمد من أهل الكذب ولا أحسبه إلا صادقا، فأنزل الله هذه الآية (٣).
وكلمة {قَدْ} تأتي للتوقع وتأتي للتقريب من الحال وتأتي للتقليل، والآية تحتمل الأوجه الثلاثة.
وفي الآية تسلية للنبي -صلى الله عليه وسلم- على تكذيبهم إياه وقولهم له: إنه كاذب وساحر ومجنون وشاعر (٤).
{فَإِنَّهُمْ لَا يُكَذِّبُونَكَ} لايخصّونك بالتكذيب، وإنما يجحدون آيات الله.
وقيل معناه: لا يكذبونك بحجة ولا يعتد بتكذيبهم.
وقيل: لا ينسبونك إلى الكذب (٥).
(١) في (ب): (ما نكذبك).
(٢) ذكره الواحدي في «أسباب النزول» (ص ٣٧٠) عن أبي ميسرة بدون إسناد، وزاد السيوطي نسبته في «الدر المنثور» ٦/ ٤٠ لعبد بن حميد وابن المنذر وابن مردويه. وأبو ميسرة هو: عمرو بن شرحبيل، تابعي جليل، وقد بين ذلك الدارقطني في «العلل» ٤/ ١٤٣ - ١٤٤.
وقد روي هذا الأثر مرفوعاً عن علي رضي الله عنه: أخرجه الترمذي (٣٠٦٤) والحاكم ٢/ ٣١٥ بسند ضعيف كما قال الألباني.
(٣) انظر: «تفسير مقاتل بن سليمان» ١/ ٥٥٨، ونقله الواحدي في «أسباب النزول» (ص ٣٧٠) عن مقاتل بدون إسناد.
(٤) في (ب): (ساحر وشاعر ومجنون).
(٥) في (ب): (إلى التكذيب).