وقيل: مبيِّناً لهم.
وقد سبق (١).
{وَمُبَشِّرًا}: للمؤمنين، {وَنَذِيرًا (٨)}: للكافرين.
وقيل: {مُبَشِّرًا} لمَن أطاع {وَنَذِيرًا} لمن عصى.
{لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ}: نزَّل خطابَ النبي - صلى الله عليه وسلم - منزلةَ خطاب المؤمنين.
ومَن قرأ بالياء (٢)، فتقديره: "إنا (٣) أرسلناك إليهم ليؤمنوا "، وكذلك ما بعده.
{وَتُعَزِّرُوهُ}: تُطيعوه، وقيل: تُبجِّلوه، وقيل: تنصروه بالسيف.
العزْر (٤) والتعزيرُ: النصرُ مرةً بعدَ أخرى، وقيل: تعظِّموه (٥).
والهاءُ يعودُ إلى الله سبحانه، كقوله (٦) تعالى: {إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ} محمد: ٧.
وكذلك قوله: {وَتُوَقِّرُوهُ}: يعودُ إلى الله سبحانه، أي: تُعظِّموه، كقوله تعالى: {لَا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا} نوح: ١٣، أي: عَظَمَةً.
وقيل: الضميرُ فيهما يعود إلى النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، أي: تُعظِّموا النبيّ، وتدعوه (٧) باسم الرَّسول وباسم النبيّ - صلى الله عليه وسلم - (٨).
{وَتُسَبِّحُوهُ}: أي: تسبحوا الله وتنزهوه.
وقيل: تصَلُّوا له. وهذا لله خاصة (٩).
واستحسنوا الوقف على: {وَتُوَقِّرُوهُ} لهذا (١٠).
ويحتمل وتسبحوا له معه، فيكون للنبي - صلى الله عليه وسلم - أيضاً، وفيه بُعدٌ (١١) (١٢).
{بُكْرَةً وَأَصِيلًا (٩)}: بالغداة والعَشِيّ. وقيل: دائماً.
{إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ} هي (١٣) بيعة الرِّضوان تحتَ الشجرة (١٤)، على ما سبق (١٥).
وقيل: ليلة العَقَبَة (١٦)، وفيه بُعدٌ.
وسمّاها مبايعةً تشبيهاً بعقد البيع.
(١) عند قوله: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا (٤٥)} الأحزاب (٤٥).
(٢) أي: {لِيُؤْمنوا} وكذلك قوله بعدها {ويُعَزِرُوه ويُوَقِّرُوه ويُسَبِّحوه} وهي قراءة ابن كثير وابن عامر ...
وقرأ نافع وابن عامر وعاصم وحمزة والكسائي بالتاء جميعاً انظر: جامع البيان (٢٦/ ٧٤)، السبعة (ص: ٦٠٣)، معاني القراءات (ص: ٢١٣)، الحجَّة (٦/ ٢٠٠).
(٣) " إنَّا " ساقطة من (أ).
(٤) في (ب) "والعزر ".
(٥) قال ابن جرير: " وهذه الأقوال متقاربات المعنى، وإن اختلفت ألفاظ أهلها بها، ومعنى التعزير في هذا الموضع: التقوية بالنصرة والمعونة ولا يكون ذلك إلا بالطاعة والتعظيم والإجلال " جامع البيان (٢٦/ ٧٥).
(٦) في (ب) " لقوله ".
(٧) في (ب) " وتدعوا ".
(٨) انظر: معاني القرآن؛ للنَّحَّاس (٦/ ٥٠٠).
(٩) انظر: جامع البيان (٢٦/ ٧٥)، معاني القرآن؛ للنَّحَّاس (٦/ ٥٠٠).
قال ابن عطية: " وقال بعض المتأولين الضمائر في قوله {وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ وَتُسَبِّحُوهُ} هي كلُّها لله تعالى،
وقال الجمهور {وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ} هما للنبي - عليه السلام - {وَتُسَبِّحُوهُ}: هي لله ". المحرر الوجيز (٥/ ١٢٩).
(١٠) انظر: تفسير الثعلبي (٩/ ٤٤)، فتح القدير (٥/ ٦٨).
(١١) ورد في حاشية نسخة (ب) تهميش ما نصه: ((بعدُه؛ لإضمار (مع)، فإنه لا يضمر إلاّ مع الواو، نحو: جاء البردُ والطيالسة. قال: ومن جعل ليلة العقبة فبُعدُه: أن في الآية ذكر البيعة والشجرة والرضوان، وليس في ليلة العقبة شيءٌ من هذا)). وفي هذا النص تعليق على تفسير الآيتين في الموضعين.
(١٢) انظر: غرائب التفسير (٢/ ١١١٢).
(١٣) في (أ) " هو ".
(١٤) انظر: تفسير مقاتل (٣/ ٢٤٧)، جامع البيان (٢٦/ ٧٦)، تفسير السمرقندي (٣/ ٢٩٨).
(١٥) في تفسير الآية الأولى.
(١٦) العقبة مرمى الجمرة الكبرى بمنى، وكان يوافي عندها النبي - صلى الله عليه وسلم - القبائل ويعرض عليهم الإسلام، وقد أسلم ستة من الأنصار، وبايعوا النبي - صلى الله عليه وسلم - إحدى ليالي الحج، سنة إحدى عشرة من النبوة وقبل الهجرة. انظر: معجم البلدان (٤/ ١٣٤)، الفصول في سيرة الرسول (ص: ٧٣)، معجم الأمكنة (ص: ٣٢٨).