{وَلَا يَضُرُّنَا} إن خذلناه {وَنُرَدُّ عَلَى أَعْقَابِنَا بَعْدَ إِذْ هَدَانَا اللَّهُ} أي: نرجع إلى الكفر بعد أن رزقنا الله الإسلام.
تقول العرب لمن أدبر: قد رجع إلى خلف وقد رجع القَهْقَرَى.
{كَالَّذِي اسْتَهْوَتْهُ الشَّيَاطِينُ فِي الْأَرْضِ} استهوى: استفعل، من هَوَى يَهْوى هَوِيَّاً.
وقيل: استفعل، من هَوِىَ يَهْوَى هَوَىً.
{حَيْرَانَ} متحيِّراً في ظلمة الليل وسعة الفلاة.
{لَهُ أَصْحَابٌ يَدْعُونَهُ إِلَى الْهُدَى ائْتِنَا} أي: ويقولون له ائتنا.
والمفسرون على أن الآية نزلت في عبد الرحمن بن أبي بكر وأبويه، كانا يدعوانه إلى الإيمان وهو يدعوهما إلى الشرك (١).
والمعنى: مثل الكافر كرجل أضله الشيطان في مفازة ليلاً وله أعوان وأصدقاء يدعونه ويقولون له ائتنا فإنا على الطريق فأبى أن يأتيهم.
وعن ابن عباس رضي الله عنهما أيضاً: عني بالأصحاب من يدعونه إلى الضلال ويزعمون أن الذي (٢) يأمرون به هدى (٣).
{قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى} أي: ما دل عليه الله فهو المؤدي إلى الهدى
(١) نقله الماوردي ٢/ ١٣٢ من قول ابن عباس رضي الله عنهما، وكذلك نقله ابن الجوزي ٣/ ٦٧ والقرطبي ٧/ ١٨.
قال ابن عطية ٥/ ٢٤٤: (وهذا ضعيف؛ لأن في الصحيح أن عائشة رضي الله عنها لما سمعت قول القائل: إن قوله تعالى: {وَالَّذِي قَالَ لِوَالِدَيْهِ أُفٍّ لَكُمَا} الأحقاف: ١٧ نزلت في عبدالرحمن بن أبي بكر قالت: (كذبوا، ما نزل فينا من القرآن شيء إلا براءتي)).
(٢) في (ب): (الذين).
(٣) الطبري ٩/ ٣٣١، وابن أبي حاتم ٤/ ١٣٢٢ (٧٤٧٥).