وقيل: الغِيبةُ: أنْ تقولَ فيه وهو غائب ما لو قلتَ في وجهه لكرهه.
{أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا}: هذا مثلٌ.
والمعنى: كما تكرهون أكلَ لحمِه ميتاً فاجتنبوا ذكرَه بالسوء غائباً (١).
وقيل: كما تكرهون أكلَ لحمِه ميتاً فاكرهوا ذكرَه بالسوء حياً.
وقيل: كما تكرهون أكلَ لحمِه ميتاً، فإنه معصية الله (٢) فاتركوا غِيبته فإنه معصيةً لله.
وإنما مثَّله بالأكل؛ لأنَّ العربَ تقول لمَن ذُكر بالسوء: إنَّ الناسَ يأكلون فلاناً ويمضغونه، فعبَّر عن إرادة ذكره بالفم بالأكل (٣).
وقيل: لأنَّ الميتَ لا يشعرُ بما يُؤكَل منه ولا يحسُّ به، كذلك الغائبُ لا يشعرُ به ... ولا يحسُّ.
قوله: {فَكَرِهْتُمُوهُ}: أي: بل عافته نفوسُكم فكرهتموه.
وقيل: كرهتم أكلَ لحمِه طبعاً، فاكرهوا اغتيابَه؛ فإنَّه (٤) مثلُ أكله (٥).
ابن عيسى: " كرهتم أكلَ لحمِه ميتاً فأكرهوا غِيبِته عَقْلاً؛ لأنَّ داعي العقل أولى بالاتباع من داعي الطبع، لأن داعيَ الطبع أعمىً جاهل، وداعي العقل بصير عالم، وكِلاهما في صفة الناصح " (٦) (٧).
وقيل: كرهتم أنْ تُغْتابوا، فلا تغتابوا غيركم.
{وَاتَّقُوا اللَّهَ}: فيما ينهاكم عنه وتوبوا إليه عما قد سلف.
{إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ (١٢)}.
(١) في (أ) " حيَّاً ".
(٢) كذا في النسختين، والأنسب " معصية لله ".
(٣) في (ب) " كالأكل ".
(٤) في (ب) " لأنَّه ".
(٥) انظر: النُّكت والعيون (٥/ ٣٣٥)، الجامع لأحكام القرآن (١٦/ ٣١٩).
(٦) في (ب) " صحَّة الناصح ".
(٧) لم أقف عليه.