وعن الحسن: " أنه رآه في المنام، وأنه لم يعرج بجسمه إلى السَّماء وإنما عرج بروحه وجسمه نائم بمكة " (١).
ويحتمل: أن ما رأى هو: الذي فسره الله عزّ وجل فقال: {لَقَدْ رَأَى مِنْ آَيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى}، ولهذا قال: {مَا رَأَى}، ولم يقل من رأى (٢). والله أعلم.
قُرئ {كَذَبَ} بالتخفيف والتشديد (٣):
فمن خفّف فتقديره ما كذب الفؤادُ محمداً حديثَ ما رأى، فحُذف المضافُ؛ لأن كذب يتعدى إلى مفعولين، ومن شرط المفعول الثاني أنْ يكونَ مسموعاً وفي الآية مرئي، والوجه إضمار الحديث. وقيل: ما كذب الفؤاد فيما رأى، ولا بد من إضمار الحديث أيضاً.
ومن شدَّد، فالمعنى حقّق الرؤيةَ ولم يجعلها شبهةً وتخيّلاً.
وقيل: ما كذب الفؤاد ما أدّاه إليه جبريل، بل رآه صدقاً غير كذبٍ ولا ظنّ (٤).
{أَفَتُمَارُونَهُ عَلَى مَا يَرَى (١٢)}: وقرئ: {أَفَتَمْرُونَهُ عَلَى مَا يَرَى} (٥): أي: تجحدونه وتدفعونه، يقال مرآه حقَّه إذا جحده.
وأصل المِرَى: من مَريت النَّاقةَ: إذا استخرجتَ لَبَنَهَا بعلاج.
(١) انظر: غرائب التفسير (٢/ ١١٥٤)، الكشاف (٢/ ٦٠٦).
(٢) انظر: غرائب التفسير (٢/ ١١٥٤).
(٣) قرأ الجمهور {مَا كَذَبَ} مخففة الذَّال، وقرأ ابن عامر في رواية ابن ذكوان {مَا كَذَبَ} خفيفة، وفى رواية هشام بن عمَّار {مَا كَذَّبَ} مشَدَّدة. انظر: السبعة في القراءات (ص: ٦١٤)، معاني القراءات (ص: ٤٦٦)، الحُجَّة (٦/ ٢٣٠).
(٤) انظر: معاني القرآن؛ للفرَّاء (٣/ ٩٦)، معاني القراءات (ص: ٤٦٦)، الحُجَّة (٦/ ٢٣٠).
(٥) قرأ الجمهور {أَفَتُمَارُونَهُ} بضم التاء وألف، وقرأ حمزة والكسائي {أَفَتَمْرُونَهُ} بفتح التاء بغير ألف ". انظر: السَّبعة (ص: ٦١٥)، معاني القراءات (ص: ٤٦٧)، الحُجَّة (٦/ ٢٣٠).