وسمّيت سدرةَ المنتهى؛ لأنه ينتهي إليها علمُ الخلائق وأعمالهم، وإليها ينتهي مَن فوقَها ويصعد إليها مَن تحتها (١).

وعن ابن مسعود - رضي الله عنه -: قال: لمَّا أُسري برسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى سِدرة المنتهى، وهي في السماء السّابعة، وإليها ينتهي ما يَعرُجُ من أرواح العباد فيقبض منها، وإليها ينتهي ما أُهبط من فوقها فيقبض منها (٢).

وقال ابنُ بحرٍ في تفسيره: هي الشجرة التي يقول الله فيها: {إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ} الفتح: ١٨، وأوّل قوله: {عِنْدَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى}: أي: نالوا الجنةَ من البيعة التي جرت عندها، ولمّا بلغ إلى قوله: {إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى} خلط كلامه (٣).

وهذا تأويلٌ بعيدٌ غيرُ مرضيّ.

{عِنْدَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى (١٥)}: مصدر، تقديره جَنَّة الرجوع.

ابن عبّاس: " جَنَّة المأوى عن يمين العرش، فيها أرواح الشهداء " (٤).

وقيل: هي التي كان فيها آدم.

وقيل: هي الجنَّة التي وعد المتقون (٥).

(١) انظر: جامع البيان (٢٧/ ٥٢)، النُّكت والعيون (٥/ ٣٩٥). قال ابن جرير: " والصَّواب من القول في ذلك أن يقال: إن معنى المنتهى الانتهاء فكأنه قيل عند سدرة الانتهاء، وجائز أن يكون قيل لها سدرة المنتهى؛ لانتهاء علم كل عالم من الخلق إليها، كما قال كعب، وجائز أن يكون قيل ذلك لها؛ لانتهاء ما يصعد من تحتها وينزل من فوقها إليها كما روي عن عبد الله، وجائز أن يكون قيل ذلك كذلك؛ لانتهاء كل من خلا من النَّاس على سنة رسول الله إليها، وجائز أن يكون قيل لها ذلك؛ لجميع ذلك ولا خبر يقطع العذر بأنه قيل ذلك لها لبعض ذلك دون بعض، فلا قول فيه أصحّ من القول الذي قال ربنا جلَّ جلاله، وهو أنها سدرة المنتهى " جامع البيان (٢٧/ ٥٣).
(٢) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب: في ذكر سدرة المنتهى برقم: (١٧٣).
(٣) انظر: غرائب التفسير (٢/ ١١٥٥).
(٤) انظر: جامع البيان (٢٧/ ٥٥)، النُّكت والعيون (٥/ ٣٩٦).
(٥) انظر: إعراب القرآن؛ للنَّحَّاس (٤/ ١٨٢)، قال ابن عطية في المحرر الوجيز (٥/ ١٩٩): " قال الحسن: وهي الجنة التي وعد بها العالم المؤمن، وقال قتادة وابن عباس بخلاف: هي جنة يأوي إليها أرواح الشهداء ... والمؤمنين، وليست بالجنة التي وعد بها المؤمنون جنة النعيم، وهذا يحتاج إلى سَنَدٍ، وما أراه يصحُّ عن ابن عباس ".