وقيل: هو أن يقرب منه فلا يقع فيه.
وقيل: النظرة الأولى، فإنْ عاد فليس بِلَمَم.
وقيل: هو: ما ألمَّ على القلب.
وقيل: هو: ما لا حدَّ عليه في الدنيا، ولم يُوجب اللهُ عليه العذابَ في الأُخرى.
وقيل: اللّممُ النكاح (١).
قيل: نزلت في نبهان التمّار (٢) (٣). وقد مضى في سورة آل عمران (٤).
وقيل: {إِلَّا}: بمعنى الواو، أي: واللمم. وهذا ضعيف (٥).
وفي الاستثناء قولان:
أحدهما: أنه متّصل، والآخر: أنه منفصل (٦).
والإلمام: الإتيان على الشيء من غير إقامةٍ عليه (٧).
{إِنَّ رَبَّكَ وَاسِعُ الْمَغْفِرَةِ} : يسع جميعَ ذنوب العباد ولا يَضيقُ عنها.
ابنُ عبّاس: "واسعُ المغفرة لمن فعل ذلك ثمَّ تاب " (٨).
{هُوَ أَعْلَمُ بِكُمْ إِذْ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ}: ابتدأكم منها، يريد آدم (٩).
{وَإِذْ أَنْتُمْ أَجِنَّةٌ}: جمع جنين، وهو: الولد ما دام في البطن.
{فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ}: أي: علم ضعفَكم وميلَكم إلى اللّمم (١٠).
وقيل: إلمامكم، بذلك فلم يأخذْكم به.
وقيل: هو: متّصلٌ بما بعده {فَلَا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ}: {هُودًا أَعْلَمُ بِكُمْ إِذْ أَنْشَأَكُمْ}.
ومعنى: {فَلَا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ}: أي: بما ليس فيها.
وقيل: بما فيها؛ ليكون أقربَ إلى الإخلاص وأبعدَ من الرياء.
وقيل: معناه لا تعملوا بالمعاصي، فتقولوا: نحن عاملون بالطاعة!
وقيل: لا يمدحْ بعضكم بعضاً (١١).
{هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى (٣٢)}: وبمن لم يتقِ منكم.
وفي سبب النزول: كانت اليهودُ تقول إذا هلك لهم صبيّ: هو صِدِّيق، فبلغ ذلك النبيَّ - صلى الله عليه وسلم -، فقال: ((كذبت اليهودُ، ما من نسمةٍ يخلقه الله في بطن أمة، إلاّ هو: شقيٌّ أو سعيدٌ، ... فأنزل الله: {هُوَ أَعْلَمُ بِكُمْ إِذْ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ ... } الآية)) (١٢).
(١) انظر: جامع البيان (٢٧/ ٦٤)، النُّكت والعيون (٥/ ٤٠٠)، زاد المسير (٧/ ٢٨١).
(٢) نَبْهَان التَّمَّار، أبو مقبل، - ولم أقف على زيادة على ما ذكر - انظر: أسد الغابة (٥/ ٢٩٣)، الإصابة (٦/ ٣٢٩).
(٣) قال مقاتل: " نزلت في نبهان التمار، وذلك أنه كان له حانوت يبيع فيه التمر فأتته امرأة تريد تمراً فقال لها: ادخلي الحانوت فإن فيه تمراً جيداً، فلمَّا دخلت راودها عن نفسها فأبت عليه فلما رأت الشر خرجت فوثب إليها فضرب عجزها بيده، فقال: والله ما نلت مني حاجتك ولا حفظت غيبة أخيك المسلم، فذهبت المرأة وندم الرجل فأتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فأخبره بصنيعه فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: ويحك يا نبهان، فلعل زوجها غاز في سبيل الله"، فقال: الله ورسوله أعلم، فقال: أما علمت أن الله يغار للغازي ما لا يغار للمقيم "، فلقى أبا بكر - رضي الله عنه - فأعلمه فقال: ويحك فلعل زوجها غاز في سبيل الله، فقال: الله أعلم، ثم رجع فلقي عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - فأخبره فقال: ويحك لعل زوجها غاز في سبيل الله، قال: الله أعلم، فصرعه عمر فوطئه، ثم انطلق به إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله إخواننا غزاة في سبيل الله تكسر الرماح في صدورهم يخلف هذا ونحوه أهليهم بسوء فاضرب عنقه فضحك النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: أرسله يا عمر فنزلت فيه {الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ إِلَّا اللَّمَمَ} يعني ضربه عجيزتها بيده {إِنَّ رَبَّكَ وَاسِعُ الْمَغْفِرَةِ} لمن تاب ". تفسير مقاتل (٣/ ٢٩٢)، وانظر: النُّكت والعيون (٥/ ٤٠١)، المحرر الوجيز (٥/ ٢٠٤).
(٤) انظر: وذلك في تفسير الآية: (١٣٥) من سورة آل عمران، {وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ} الآية.
(٥) انظر: تفسير السمَّرقندي (٣/ ٣٤٥)، غرائب التفسير (٢/ ١١٥٧).
(٦) انظر: جامع البيان (٢٧/ ٦٤)، تفسير الثعلبي (٩/ ١٤١).
(٧) انظر: معاني القرآن؛ للزَّجَّاج (٥/ ٦١)، لسان العرب (١٢/ ٥٤٧)، مادة " لمَمَ ".
(٨) انظر: تفسير البغوي (٧/ ٤١٣)، الجامع لأحكام القرآن (١٧/ ١٠٨).
(٩) انظر: جامع البيان (٢٧/ ٦٩)، النكت والعيون (٥/ ٤٠١).
(١٠) انظر: جامع البيان (٢٧/ ٦٩)، زاد المسير (٧/ ٢٨٢).
(١١) انظر: جامع البيان (٢٧/ ٦٩)، النكت والعيون (٥/ ٤٠٢).
(١٢) انظر: تفسير السَّمعاني (٥/ ٢٩٩)، زاد المسير (٧/ ٢٨٢)، لباب النقول (ص: ٢٨٢).