{وَأَنَّهُ أَهْلَكَ عَادًا الْأُولَى (٥٠)}: " أنَّ " في هذه الآيات كلها محل جرّ، بدلاً من: {بِمَا فِي صُحُفِ مُوسَى (٣٦)}.
اختلفوا في {عَادًا الْأُولَى}: فذهب بعضهم إلى أنَّ الأولى بمنزلة القرون الأولى.
الحسن: " {الْأُولَى}: أي: قبلكم " (١).
وقيل: {عَادًا الْأُولَى}: هي عاد إرَم، ولمّا أُهلكوا بقيتْ منهم بقيَّةٌ، يقال لهم: بنو لقيم، وكانوا بمكة عند أخوالهم العمالقة، وهم أولاد عِمْلِيق بن لاوذ بن سام، فلم يصبهم يومئذٍ العذاب، وبقوا بعدهم زماناً فسُمُّوا: عاداً الأخرى (٢).
وقيل: {عَادًا الْأُولَى}: قومُ ثمود، والثاني ثمود؛ لأنَّهم من نَسْلهم.
وقيل: {عَادًا الْأُولَى}: أهلكوا بالريح، والثانية قوم هود (٣).
{وَثَمُودَ فَمَا أَبْقَى (٥١)}: عطف على (عاد).
ولا ينتصب بقوله: {فَمَا أَبْقَى}؛ لأنَّ ما بعد النفي لا يعمل فيما قبله، ومفعول {فَمَا أَبْقَى} عادٌ وثمود جميعاً (٤).
(١) لم أقف عليه.
(٢) انظر: جامع البيان (٢٧/ ٧٨)، تفسير القرآن العظيم (٤/ ٢٧٨).
(٣) والذي يظهر - والله أعلم - هو القول الأول، وهو أنَّ الأولى بمنزلة الأولى، وهو اختيار ابن عطية، حيث قال: " قال ابن زيد والجمهور ذلك؛ لأنها في وجه الدهر وقديمِه، فهي أولى بالإضافة إلى الأمم المتأخرة، وقال الطبري: سُمِّيت أولى؛ لأنَّ ثمَّ عاداً أخيرة، وهي قبيلة كانت بمكة مع العماليق، وهم بنو لقيم بن هزال ".
قال القاضي أبو محمد: " والقول الأول أبين؛ لأنَّ هذا الأخير لم يصح " المحرر الوجيز (٥/ ٢٠٨) وهو اختيار ابن جزي كما في التسهيل (٤/ ٧٩).
(٤) انظر: معاني القرآن؛ للزَّجَّاج (٥/ ٦٣)، إعراب القرآن؛ للنَّحّاس (٤/ ١٨٩).