وقيل: كناية عن النساء، كما قال - صلى الله عليه وسلم -: ((الولد للفراش)) (١) (٢).
ومعنى {مَرْفُوعَةٍ}: رفيعة القدر (٣).
{إِنَّا أَنْشَأْنَاهُنَّ إِنْشَاءً (٣٥)}: قيل: يعود الضميرُ إلى الحور.
واستبعده المحقّقون، وقالوا: إنَّها في قصَّةٍ وهذه في أخرى، بل يعود إلى الفُرش، فإنَّها النساء أو كناية عن النساء، كما سبق، وتقول: أفترشها كناية عن الوطء.
وقيل: الفُرُش محلّ النساء، فدّلت عن النساء (٤).
ومعنى " {أَنْشَأْنَاهُنَّ}: خلقهن الله ابتداءً لأوليائه، لسن ممَّن وقعتْ عليهنَّ الولادةُ (٥).
الضَّحاك: " هنَّ المؤمنات من النِّساء " (٦).
الحسن: " هنَّ عجائزُكم الغُمص الرُّمص (٧)، صيّرهن الله كما تسمعون" (٨).
قال مجاهد: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في امرأةٍ كانت (٩) عند عائشةَ من بني عامرٍ، وكانت عجوزاً: ((إن الجنَّةَ لا يدخلُها (١٠) العُجْزُ))، فولَّت تبكي، فقال - صلى الله عليه وسلم -: ((أخبروها أنَّها يومئذٍ ليست بعجوز، إن الله يقول: {إِنَّا أَنْشَأْنَاهُنَّ} الآية)) " (١١).
{فَجَعَلْنَاهُنَّ أَبْكَارًا (٣٦)}: عذاري (١٢) لا يأتيها الرجلُ إلاّ وجدها بِكراً.
{عُرُبًا}: جمع عَروب.
ابن عبَّاس - رضيَ الله عنهما - في جماعة (١٣): " هي العواشق للأزواج " (١٤) (١٥).
قال ابن عبّاس- رضيَ الله عنهما -: " تقول (١٦) للنَّاقة إذا أرادت فحْلاً: هي عربة" (١٧).
الزّجاج: " غَنِجةٌ متحبِّبةٌ لزوجها " (١٨).
أبو عبيدة: " الحسنة التبعُّل " (١٩).
وقيل: هي الخَفِرَة المبتذلة لزوجها.
وقيل: هي: اللَّعوب بزوجها أُنساً به (٢٠).
بعض التفاسير: مرفوعاً: (({عُرُبًا}: كلامهنّ عربيّ)) (٢١).
{أَتْرَابًا (٣٧)}: جمع تِربٍ، أي: مستوياتٍ على سنٍّ واحدٍ.
قيل: ثلاثة وثلاثون سنة.
وقيل: هنَّ اللواتي نشأن معاً، مأخوذ من لعب الصّبيان بالتراب.
وقيل: جُعلن أشكالاً (٢٢) لأزواجهنّ في الجسم والمقدار (٢٣).
{لِأَصْحَابِ الْيَمِينِ (٣٨)}: قيل: هنَّ {لِأَصْحَابِ الْيَمِينِ}.
وقيل: أنشأناهنَّ {لِأَصْحَابِ الْيَمِينِ}.
وعن بعض القُرَّاء الوقف على " أتراباً "، ثمَّ قال الله: {لِأَصْحَابِ الْيَمِينِ (٣٨) ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ (٣٩) وَثُلَّةٌ مِنَ الْآَخِرِينَ (٤٠)}.
وقيل: تقديره أصحاب اليمين ثلة من الأولين وثلة من الآخرين .. (٢٤).
وَأَصْحَابُ {الشِّمَالِ مَا أَصْحَابُ الشِّمَالِ (٤١)}: المشأمة والشِّمال واحدٌ (٢٥).
{فِي سَمُومٍ}: وهي الريح الحارّة تدخل في المسامّ (٢٦).
{وَحَمِيمٍ (٤٢)}: وهي (٢٧) الماء الحارُّ في النهاية.
{وَظِلٍّ مِنْ يَحْمُومٍ (٤٣)}: وهو دخّانٌ شديدُ السواد من الحُمَمَة.
ويحموم (يفعول) منه.
(١) أخرجه البخاري في كتاب البيوع، باب تفسير المُشَّبَهات، برقم (٢٠٥٣)، وأخرجه مسلم في كتاب الرضاع، باب: الولد للشُّبهات، وتوقي الشُّبهات، برقم (٣٥٩٨)، كلاهما عن عائشة - رضي الله عنها -.
(٢) انظر: النُّكت والعيون (٥/ ٤٥٤)، غرائب التفسير (٢/ ١١٧٨).
(٣) تقدم هذا التفسير بالنصّ، ولعله وهم من النُّسَّاخ.
(٤) انظر: جامع البيان (٢٧/ ١٨٥)، المحرر الوجيز (٥/ ٢٤٤)، زاد المسير (٧/ ٣٣٠).
(٥) انظر: معاني القرآن؛ للزَّجَّاج (٥/ ٨٩)، المحرر الوجيز (٥/ ٢٤٤).
(٦) انظر: غرائب التفسير (٢/ ١١٧٨).
(٧) الغُمْصُ والرُّمْص: واحد، والرمص: غمص أبيض تلفظه العين فتوجع له، وقيل: الغمص: اليابِس منه والرَّمص الجاري. انظر: كتاب العين (٧/ ١٢٢)، مادة " رَمَصَ "، النهاية في غريب الأثر (٣/ ٣٨٦)، مادة "غَمَصَ "، لسان العرب (٧/ ٦١)، مادة " غَمَصَ ".
(٨) انظر: غرائب التفسير (٢/ ١١٧٨).
(٩) " كانت " ساقطة من (ب).
(١٠) في (أ) " لا تدخلها ".
(١١) أخرجه الترمذي في الشمائل المحمدية، باب ما جاء في صفة مزاح رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، برقم (٢٤١) عن الحسن البصري، وأخرجه الثعلبي في تفسيره (٩/ ٢١٠)، والبغوي في تفسيره (٨/ ١٤)، وأورده السُّيوطي في الدُّر المنثور (١٤/ ١٩٩)، وعزاه لعبد بن حميد والترمذي في الشمائل وابن المنذر والبهيقي في البعث عن الحسن، والحديث ضعفه الألباني في تحقيقه لمختصر الشمائل المحمدية (ص: ١٢٨).
(١٢) في المخطوطتين " عذاري " بالياء، ويجوز في الاسم المختوم بألف التأنيث على وزن " فعالى " الوجهان، بالياء، وبالألف المقصورة، مثل: عذاري، وعذارى، وصحاري وصحارى.
(١٣) " في جماعة " ساقطة من (أ).
(١٤) في (ب) " العواشق الأزواج ".
(١٥) وبه قال الحسن وقتادة ومقاتل والمبرد. انظر: جامع البيان (٢٧/ ١٨٧)، زاد المسير (٧/ ٣٣٠).
(١٦) في (ب) " يقول "، والأنسب: يقال.
(١٧) انظر: غرائب التفسير (٢/ ١١٧٨).
(١٨) انظر: معاني القرآن (٥/ ٨٩).
(١٩) انظر: مجاز القرآن (٢/ ٢٥١).
(٢٠) قال السَّمعاني يمكن الجمع بين هذه الأقوال كلّها، فكأنها تتحبب إلى زوجها بغنج، وشَكَلٍ، وكلام حَسَنٍ، ومَيْلٍ شديدٍ، وبلفظ عربي " تفسير السَّمعاني (٥/ ٣٥٠).
(٢١) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره (١٠/ ٣٣٣٢) عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جده، وأورده الماوردي في النُّكت والعيون (٥/ ٤٥٦)، والقرطبي في الجامع لأحكام القرآن (١٧/ ٢٠٣).
(٢٢) في (أ) " شِكالاً " ... .
(٢٣) انظر: جامع البيان (٢٧/ ١٨٩)، النُّكت والعيون (٥/ ٤٥٦).
(٢٤) وهو رأي الأخفش، وخالفه أبو حاتم. انظر: القطع والائتناف (ص: ٥١٣).
(٢٥) يشير إلى ما تقدم في السورة من قوله سبحانه: {وَأَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ (٩)}.
(٢٦) المسَامُّ: والسُّموم والسِّمام ومَسامُّ الجسد: ثُقَبُه، ومَسامُّ الإنسان: تَخَلْخُل بشرته وجلْده الذي يبرُزُ عَرقُهُ وبُخار باطنه، منها سمِّيت مَسامَّ؛ لأَن فيها خُروقاً خفيّة. انظر: كتاب العين (٧/ ٢٠٦) مادة " سَمَمَ "، لسان العرب (١٢/ ٣٠٢)، مادة (سَمَمَ).
(٢٧) في (أ) " وهو ".