{يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ}: أي: يحبّ الأنصارُ المهاجرين بقلوبهم، حتى شاطروهم أموالَهم وأنزلوهم مساكنَهم، ومَن كانت عنده امرأتان نزل عن واحدةٍ منهما (١) لواحدٍ منهم.
{وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا} (٢): أي: حسداً وحزازة على ما أَعطى النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - المهاجرين وخصّهم به.
وقيل: مما أعطوا (٣) من الفضل والتقّدم عليهم.
وقيل: ضيقاً لما ينفقون عليهم.
وقيل: معناه: هم راضون بما أوتوا، أي: من جهة قناعتهم بما أوتوا: لا من جهة كثرة أموالهم.
وقيل: لا يجدون في أنفسهم مساس حاجة من فقْد ما أُوتوا، فحُذف المضاف (٤) (٥).
{وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ}: أي: يقدّمون المهاجرين على أنفسهم.
{وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ}: وإن كانوا فقراءَ.
وأصل (٦) الخصاصة من الخَصاص، وهي: الفرج يتخلّلها البصر.
والخَصُّ: البيت من القصب يتخلّل (٧) الهواءُ إياه، وأصل (٨) الاختصاص من الانفراد بالأمر، والخصاصة (٩) الإنفراد عمَّا يحتاج إليه، والخاصة انفراد المعنى، والخصّ: لانفراد كلّ قصبةٍ عن الأخرى (١٠).
{ومن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ} يُدفع ويُمنع (١١) {فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (٩)}:
الشُّحُّ: منع الواجب (١٢).
وقيل: أكلُ مال الغير ظلماً (١٣)، وقال النبي (١٤) - صلى الله عليه وسلم -: ((بريءٌ من الشحّ مَن آتى الزكاة، وقرى الضيفَ، وأعطى في النائبة)) (١٥).
وقيل: الشُّحُّ: أنْ تطمح عيُن الرَّجل إلى (١٦) ما ليس له، فقال النبي (١٧) - صلى الله عليه وسلم -: ((من الشّح نظرك إلى امرأة غيرك)) (١٨).
(١) في (ب) " منها ".
(٢) في (ب) " {وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً}: أي: حسداً ... أي: من جهة قناعتهم مِمَّا {أُوتُوا}: لا من جهة كثرة أموالهم ".
(٣) " مما أعطوا " ساقطة من (ب).
(٤) في (ب) " عن فقد ما أوتوا فُحذف المُضافان ".
(٥) انظر: جامع البيان (٢٨/ ٤١)، النُّكت والعيون (٥/ ٥٠٥)، زاد المسير (٨/ ٢٢).
(٦) ما بين المعقوفتين ساقط من (أ).
(٧) في (أ) " للتخلل ".
(٨) في (أ) " وأصله ".
(٩) ما بين المعقوفتين ساقط من (ب).
(١٠) انظر: جامع البيان (٢٨/ ٤٢)، المفردات (ص: ٢٨٤)، مادة " خصَّ "، لسان العرب (٧/ ٢٤)، مادة ... " خصَصَ ".
(١١) انظر: تفسير السَّمرقندي (٣/ ٤٠٦).
(١٢) انظر: تفسير السَّمعاني (٥/ ٤٥٥)، زاد المسير (٨/ ٢٤).
(١٣) وهو مروي عن ابن مسعود - رضي الله عنه - وغيره انظر: جامع البيان (٢٨/ ٤٣)، النُّكت والعيون (٥/ ٥٠٦).
(١٤) " النبي " ساقطة من (أ).
(١٥) أخرجه ابن جرير في جامع البيان (٢٨/ ٤٣) عن مُجَمِّع بن جارية الأنصاري عن عمه يزيد بن جارية الأنصاري عن أنس بن مالك عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: " بريءٌ من الشُّحِّ من أدَّى الزكاة، وقَرَى الضيف، وأعطى في النائبة "، وأخرجه الطبراني في المعجم الكبير (٤/ ٢٥٥)، برقم (٣٩٨٩) ولفظه: " عن خالدَ بن زيدٍ الأنصاري قَالَ: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " بريء من الشحِّ من أدَّى الزكاة، وقَرَى الضيف، وأعطى في النائبة " وبرقم (٣٩٩٠) ولفظه " عن خالد بن زيد بن جارية أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: " ثلاثٌ من كُنَّ فيه وُقِيَ شُحِّ نفسه: من أدَّى الزكاة، وقَرَى الضيف وأعطى في النائبة " قال الهيثمي في المَجْمَع (٣/ ٦٨): " رواهما الطبراني في الكبير وفيه إبراهيم بن إسماعيل بن مُجَمِّع، وهو ضعيفٌ ".
(١٦) " النبي " ساقطة من (أ).
(١٧) " إلى " ساقطة من (أ).
(١٨) لم أقف على تخريجه كحديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، وقد أورد السُّيوطي في الدر المنثور (١٤/ ٣٧١) روايتين في هذا المعنى، أولاهما: عن عبد بن حميد وابن المنذر وابن مردويه عن ابن عمر -رضي الله عنهما في قوله: {وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ} قال: ليس الشحيح أن يمنع الرجل ماله ولكنه البخل، وإنه لشرٌ، إنما الشح أن تطمح عين الرجل إلى ما ليس له".
والثانية: عن ابن المنذر عن الحسن - رضي الله عنه - قال: " النظر إلى المرأة لا يملكها من الشُّحِّ ".