{وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (٢)}: عالم بأعمالكم فيُجازيكم عليها.
{خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ}: قيل: للحقّ دون الباطل.
وقيل: بالعدل.
وقيل: على ما تقتضيه (١) الحكمة. وقيل: بقوله: كن.
{وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ}: أي: جعل صورةَ الإنسان أحسنَ صور (٢)
الحيوان، ولم يشارك بني آدم في صورته وشكله غيرُهم من الموجودات (٣).
وهذا معنى قول النبي - صلى الله عليه وسلم - (٤): ((إن اللهَ خلق آدمَ على صورته فأحسنَ صورته)) (٥)،
أي: صورته التي صوّره عليها.
وقيل: الهاء يعود إلى الله - تعالى -، وأضافه إلى نفسه سبحانه إجلالاً لآدم - عليه السلام -، كبيت الله وناقة الله (٦).
(١) في (ب) " ما يقتضيه ".
(٢) في (أ) " صورة ".
(٣) انظر: جامع البيان (٢٨/ ١٢٠)، معاني القرآن؛ للزَّجَّاج (٥/ ١٤٠).
(٤) في (أ) " قوله - صلى الله عليه وسلم - ".
(٥) أخرجه البخاري (بنحوه) في كتاب الاستئذان، باب بدء السلام، برقم (٦٢٢٧)، ولفظه عن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النَّبي - صلى الله عليه وسلم - قال: " خلق الله آدم على صورته طوله ستون ذراعاً، فلمَّا خلقه قال: اذهب فسلِّم على أولئك النَّفر من الملائكة جلوس فاستمع ما يحيونك فإنَّها تحتك وتحية ذرِّيتك، فقال السلام عليكم ... " الحديث، وأخرجه مسلم (بلفظه) في كتاب الجنة وصفة نعيمها وأهلها، باب: يدخل الجنة أقوام، أفئدتهم مثل أفئدة الطير، برقم (٧٠٩٢)، وأخرجه في كتاب البر والصلة، باب: النهي عن ضرب الوجه، برقم (٦٥٩٨)، ولفظه: " إذا قاتل أحدكم أخاه، فليتجنب الوجه؛ فإن الله خلق آدم على صورته " ولم أقف على ما زاده المؤلف في الحديث: ... " فأحسن صورته ".
(٦) قال ابن الجوزي في معنى الحديث: " للناس فيه ثلاثة مذاهب أحدها: مذهب جمهور السلف وهو السكوت عن تفسير هذا وأمثاله، والثاني: أن الهاء راجعة إلى آدم فيكون المعنى أنه خلقه على تلك الحال ولم ينقله من نطفة إلى علقة وهذا مذهب أبي سليمان الخطابي، والثالث: أنها ترجع إلى الله سبحانه فهي مضافة إضافة ملك لا إضافة ذات كما أضاف الروح التي نفخت في آدم إليه فقال: {وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي} الحجر: (٢٩) وهذا مذهب ابن عقيل " كشف المشكل من حديث الصحيحين؛ لابن الجوزي (١/ ٩٩٢).