ويحتمل على هذين القولين أنْ يُجعل (١) الاستثناءُ من الجملة الثانية.
ويحتمل - أيضاً - أنْ يكونَ قولُه: {وَلَا يَخْرُجْنَ}: نفياً لا نهياً (٢).
{وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ}: أي: الأحكام المذكورة.
{وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ}: استحقَّ عقابَ الله.
وقيل: منع نفسَه ما كان اللهُ (٣) جعله له، وهي المراجعة.
{لَا تَدْرِي}: أي: النفس، وقيل: أنت {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ}، أو أنت أيها
المطلّقُ.
{لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا (١)}: أي: يُحدث في العِدّة بعد
الطلاق رغبة في المُطلَّقة.
وقيل: بعد نفور قلبه عنها ميلاً إليها.
وقيل: {أَمْرًا}: رجعة في العدة (٤) أو نكاحاً جديداً بعدَ البينونة (٥) (٦).
{فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ}: أي: قاربن القُرءَ الثالثَ (٧).
{فَأَمْسِكُوهُنَّ}: راجعوهنَّ.
{بِمَعْرُوفٍ}: من النفقة والكِسوة وحُسنِ العِشرة.
وقيل: معنى {بِمَعْرُوفٍ}: غيرَ مضارّ.
{أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ}: قيل: بإيفاء الصَّداق والمتعة، وقيل: بتركها حتى
تَبِينَ بانقضاء العِدّة (٨).
{وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ}:
ابنُ عباس - رضي الله عنهما -: على الرجعة " (٩).
وقيل: ندبٌ، كقوله: {وَأَشْهِدُوا إِذَا تَبَايَعْتُمْ} البقرة: ٢٨٢ (١٠).
وقيل: على الطلاق (١١).
وقيل: إنْ لم يُشهدوا فالطلاقُ غيرُ واقعٍ!. (١٢)، وليس هذا مذهبُ الفقهاء.
{وَأَقِيمُوا الشَّهَادَةَ!}: أي: إقامتُها واجبةٌ عند الحاجة إليها.
{ذَلِكُمْ يُوعَظُ بِهِ مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ}:
(١) في (ب) " أن تجعل".
(٢) انظر: غرائب التفسير (٢/ ١٢٢٢).
(٣) في (أ) " ما كان لله ".
(٤) ما بين المعقوفتين ساقط من (ب).
(٥) في (أ) " البيتوتة " والبينونة: إذا أبانها الزوج فطلقها طلاقاً لا رجعة فيه، وهذا بعد أن تنكح زوجاً غيره.
(٦) انظر: جامع البيان (٢٨/ ١٣٥)، الجامع لأحكام القرآن (١٨/ ١٥٢).
(٧) القرء واحد القروء: والقرء عند أهل الحجاز الطهر وعند أهل العراق الحيض، وكلٌ قد أصاب؛ لأنَّ القرء: هو خروج من شيء إلى شيء، فخرجت المرأة من القرء الحيض إلى الطهر، ومن القرء الطهر إلى الحيض. انظر: مجاز القرآن (١/ ٧٤)، جامع البيان (٢/ ٤٣٨)، غريب القرآن؛ للسِّجِّستاني (ص: ٣٨١).
(٨) انظر: جامع البيان (٢٨/ ١٣٦)، النُّكت والعيون (٦/ ٣٠).
(٩) وروي عنه الإشهاد على الطلاق أيضاً. انظر: جامع البيان (٢٨/ ١٣٧)، إعراب القرآن؛ للنَّحَّاس (٤/ ٢٩٧).
(١٠) وهو مذهب أبي حنيفة وأحد قولي الشافعي. انظر: تفسير السَّمعاني (٥/ ٤٦١)، الجامع لأحكام القرآن (١٨/ ١٥٣).
(١١) والعلماء على القولين، لكن هذه الآيات غالبة في أمر الرَّجعة، قال ابن جُزَي: " وقال ابن عباس: هو الشهادة على الطلاق وعلى الرجعة، وهذا أظهر؛ لأنَّ الإشهاد به يرفع الإشكال والنزاع، ولا فرق في هذا بين الرجعة والطلاق. التسهيل (٤/ ١٢٦)، وانظر: جامع البيان (٢٨/ ١٣٧)، تفسير السَّمرقندي (٣/ ٤٣٨)، تفسير البغوي (٨/ ١٥٠)، تفسير القرآن العظيم (٤/ ٤٠٥).
(١٢) وقد أورد ابن كثير - رحمه الله - قول عطاء في قوله: {وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ} " قال: لا يجوز في نكاح ولا طلاق ولا رجاع إلا شاهدا عدلٍ، كما قال الله عزَّ وجلَّ، إلا أن يكون من عذر " تفسير القرآن العظيم (٤/ ٤٠٥)، ومذهب الجمهور أن الإشهاد يكون واجباً في النكاح، ويقع الطلاق والرجعة من دونه انظر: أحكام القرآن؛ للجصَّاص (٣/ ٦٠٩)، تفسير السَّمعاني (٥/ ٤٦١)، الجامع لأحكام القرآن (١٨/ ١٥٣).