وعن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: ((إني لأعرفُ آيةً لو أخذ الناسُ بها كفتهم (١): وَمَنْ {يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا}))، يقولُها ويُعيدُها " (٢).
وفي سبب النزول: " أن المشركين أسروا ابناً لعوف بن مالكٍ الأشجعيّ، فأتى ... رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم -، وشكا إليه الفاقةَ، فقال (٣): إن العدوَّ أسر ابني وجزعتِ الأمُّ، فما تأمرُني؟ فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - (٤): ((اتّق اللهَ واصبرْ، وآمرُكَ وإيَّاها أنْ تستكثرا (٥) من قول: لا حولَ ولا قوّةَ إلاّ بالله) فعاد إلى بيته، وقال لامرأته: إنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمرني وإيَّاك أن نستكثر من قول: لا حول ولا قوة إلا بالله (٦)، فقالت (٧): نِعمَ ما أمرنا به، فجعلا يقولان، فغفل العدوُّ عن ابنه (٨)، فساق غنمَهم، وجاء بها إلى أبيه، وهي أربعةُ آلاف شاةٍ!، فنزلت هذه ... الآيةُ)) (٩).
قوله (١٠): {وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ}: يكلُ أمرَه إليه.
مشتقٌّ من الدابّة المواكِل، الذي (١١) ليس يسيرُ بسير (١٢) غيرِه منقاداً له (١٣).
{فَهُوَ حَسْبُهُ}: كافِيه في الدنيا والآخرة.
{إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ}: سيبلغُ أمرُه إلى ما يُريدُ في خلقِه (١٤)
ومَن أضاف: فللتَّخفيف (١٥).
{قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا (٣)}: قيل: يُريد الطلاقَ والعدّةَ، وغير
ذلك مما تقدّم.
وقيل: عامٌّ، أي: جعل (١٦) لكلّ شيءٍ ميقاتاً وأجلاً.
وقيل: منتهىً وغايةً.
(١) في (أ) " لو أخذ الناس لكفتهم ".
(٢) حديث أبي ذرٍّ - رضي الله عنه - أخرجه أحمد في الزهد (ص: ١٨٢) وابن ماجة في سننه، في كتاب الزهد/ باب: الورع والتقوى برقم (٤٢٢٠)، ولفظه: (إني لأعرف كلمة (وقال عثمان: آية) لو أخذ الناس كلهم بها؛ لكفتهم) قالوا: يا رسول الله! أيّة آية؟ قال: وَمَنْ {يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا}، وابن حبان في صحيحه في كتاب التاريخ، باب: إخباره - صلى الله عليه وسلم - عما يكون في أمته من الفتن والحوادث، برقم (٦٦٦٩)، وأخرجه الحاكم في مستدركه في كتاب التفسير، باب: تفسير سورة الطلاق (٢/ ٤٩٢)، وقال الحاكم: ... " هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه "، ووافقه الذهبي في تلخيصه على المستدرك، وقال الهيثمي في المَجْمع (٥/ ٢٢٣): "رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح، إلا أنَّ أبا سليل ضريب بن نفير لم يدرك أبا ذرٍّ ".
(٣) في (ب) " وقال ".
(٤) في (ب) " رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ".
(٥) في (أ) " تستكثروا ".
(٦) ما بين المعقوفتين ساقط من (ب).
(٧) في (ب) " فقال ".
(٨) في (ب) " فغفل العدو بابنه ".
(٩) أخرج ابن جرير نحوه في جامع البيان (٢٨/ ١٣٨)، وأورده الواحدي في أسباب النزول (ص: ٣٥٦) بغير إسناد في الأولى وإسناد في الثانية، وأخرجه الحاكم في مستدركه في كتاب التفسير، باب: تفسير الطلاق (٢/ ٤٩٢) وقال: " هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه". وتعقبه الذهبي فقال: " بل منكر وعباد رافضي جبل وعبيد متروك، قاله الأزدي ". المستدرك مع التلخيص (٢/ ٤٩٢)، وقد ذكر سبب النزول هذا غير واحدٍ من المفسرين انظر: تفسير مقاتل (٣/ ٣٧٢)، تفسير السمرقندي (٣/ ٤٣٩)، تفسير البغوي (٨/ ١٥١) وغيرهم من المفسرين.
(١٠) " قوله " ساقطة من (ب).
(١١) كذا في النسختين، ولعل الأولى أن يقال: " التي ".
(١٢) في (ب) " ليس يسيرُ يَسيرُ ".
(١٣) قال أهل اللغة: والوِكال في الدَّابة: أن لا تمشي إلا بمشي غيرها. انظر: المفردات (ص: ٨٨٢)، مادة " وَكَلَ "، لسان العرب (١١/ ٧٣٤)، مادة " وَكَلَ ".
(١٤) هذا التفسير بناء على القراءة التي يسير عليها المفسر {بَالِغٌ أَمْرَه}.
(١٥) قرأ حفص عن عاصم من السَّبعة {بَالِغُ} أَمْرِي على الإضافة، وقرأ الباقون مُنَوَّنَاً {بَالِغٌ أَمْرَه} ... انظر: السَّبعة (ص: ٦٣٩)، معاني القراءات (ص: ٤٩٤)، الحجَّة (٦/ ٣٠٠).
(١٦) " جعل " ساقطة من (أ).