قوله: {تَبْتَغِي مَرْضَاةَ أَزْوَاجِكَ}: تطلُب رضاهنَّ.
قيل: في محلّ نصبٍ على الحال (١).
وقيل: ابتغاءَ رضاهنّ (٢)، على أنه مفعولٌ له (٣).
واللّفظ لا يحتملُ هذا.
ويحتملُ: أن الاستفهامَ مقدَّرٌ، أي: أتبتغي (٤) مرضاةَ أزواجك بتحريم ما أحلَّ الله.
{وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (١)}: قد غفر لك ما تقدّم من ذنبك وما تأخَّر.
{قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ}: قيل: أوجب، وقيل: بيّن لكم (٥)، وقيل: قدَّر.
{تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ}: تحليلَها، وهو إطلاقٌ يُحلُّ ما حظره عقد التحريم.
وتحليل القسم: إزالةُ الحِنْث عنه (٦).
{وَاللَّهُ مَوْلَاكُمْ}: فابتغوا (٧) تحليلَه وتحريمَه.
{وَهُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ (٢)}.
{وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلَى بَعْضِ أَزْوَاجِهِ}: يعني: حفصةَ.
{حَدِيثًا}: حديث ماريةَ والخلافةِ.
وقيل: ذكر تحريم العسل والخلافة (٨).
{فَلَمَّا نَبَّأَتْ بِهِ}: أخبرت حفصةُ عائشةَ بالحديثِ (٩).
{وَأَظْهَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ}: أطلعَ اللهُ محمداً - صلى الله عليه وسلم - على إفشائها الحديث (١٠).
{عَرَّفَ بَعْضَهُ}: عرَّف حفصةَ بعضَ ما أفشت، يعني: حديثَ ماريةَ، أو ذكر العسل.
{وَأَعْرَضَ عَنْ بَعْضٍ}: فلم يُخبرْها به (١١) كرماً، وهو حديث الخلافة، كراهةَ أنْ ينتشرَ (١٢).
سفيان: "ما زال التغافُلُ من فعل الكرام " (١٣).
الحسن: " ما استقصى كريمٌ قطُّ " (١٤).
{فَلَمَّا نَبَّأَهَا بِهِ}: نبأَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - حفصةَ بما أفشت من السرِّ إلى عائشةَ.
{قَالَتْ}: أي: حفصةُ للنبيّ - صلى الله عليه وسلم -.
{مَنْ أَنْبَأَكَ هَذَا}: مَن أخبركَ بما فعلتُ؟
{قَالَ نَبَّأَنِيَ الْعَلِيمُ}: بخفيَّات القلوب.
{الْخَبِيرُ (٣)}: فلا يخفى عليه شيءٌ.
{إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ}: يريد حفصةَ وعائشةَ - رضي الله عنهما -.
{فَقَدَرَ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا}: مالت عن الواجب وزاغت بسروركما بما كره النبيّ - صلى الله عليه وسلم - من تحريم ماريةَ.
وجمع القلوبَ في موضع التثنية؛ لأن الأعضاء الوِترَ إذا أُضيفت إلى إنسانين جُمع في موضع التثنية (١٥)؛ لزوال الالتباس (١٦).
وجواب الشرط محذوفٌ، والتقدير: إن تتوبا إلى الله فهو الواجب.
وقيل: قبلت توبتَكما.
وقيل: إن لا تتوبا فقد صغت قلوبكما.
وقيل: إن تتوبا فقد صغت قلوبكما إلى الحقّ (١٧).
{وَإِنْ تَظَاهَرَا عَلَيْهِ}: تعاونا على إيذائه.
{فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلَاهُ}: ناصرُه ووليُّه.
{وَجِبْرِيلُ}: وليُّه ومُعينُه.
{وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ}: المخلصون من المؤمنين.
قتادةُ: " هم الأنبياء " (١٨).
وقيل: هم الصحابةُ (١٩).
وقيل: المرادُ به أبو بكرٍ وعمرَ - رضي الله عنهما -؛ فإنهما أبوا عائشةَ وحفصةَ،
وهو تفسيرُ النبيّ - صلى الله عليه وسلم - (٢٠).
وقيل: " المرادُ به عليٌّ - رضي الله عنه - " (٢١).
(١) انظر: التسهيل (٤/ ١٣٠)، البحر المحيط (١٠/ ٢٠٩).
(٢) في (أ) " مرضاتهنَّ ".
(٣) انظر: غرائب التفسير (٢/ ١٢٢٥).
(٤) في (ب) " أتبغي ".
(٥) " لكم " ساقطة من (أ).
(٦) انظر: النُّكت والعيون (٦/ ٣٩)، الجامع لأحكام القرآن (١٨/ ١٧٧).
(٧) في (ب) " فاتبعوا ".
(٨) تقدَّم الحديث عن ضعف الروايات الواردة في خبر الإسرار بالخلافة، والمتعين هو خبر العسل وماريه.
(٩) في (ب) " الحديثَ ".
(١٠) في (أ) " على إفشاء الحديث ".
(١١) " به " ساقطة من (ب).
(١٢) انظر: جامع البيان (٢٨/ ١٦٠)، النُّكت والعيون (٦/ ٤٠)، الجامع لأحكام القرآن (١٨/ ١٧٩).
(١٣) انظر: غرائب التفسير (٢/ ١٢٢٥)، البحر المحيط (١٠/ ٢١٠).
(١٤) انظر: تفسير الثعلبي (٩/ ٣٤٦)، تفسير البغوي (٨/ ١٦٤).
(١٥) "لأن الأعضاء الوِترَ إذا أُضيفت إلى إنسامين جُمع في موضع التثنية " ساقطة من (ب).
(١٦) انظر: غرائب التفسير (٢/ ١٢٢٦)، الجامع لأحكام القرآن (١٨/ ١٨٠).
(١٧) انظر: جامع البيان (٢٨/ ١٦١)، النُّكت والعيون (٦/ ٤٠).
(١٨) انظر: جامع البيان (٢٨/ ١٦٣)، النُّكت والعيون (٦/ ٤١)، زاد المسير (٨/ ٤١).
(١٩) وهو قول السُّدي. انظر: النُّكت والعيون (٦/ ٤١)، الجامع لأحكام القرآن (١٨/ ١٨١).
(٢٠) وهو قول الضحاك عكرمة وسعيد بن جبير. انظر: جامع البيان (٢٨/ ١٦٣)، النُّكت والعيون (٦/ ٤١)، الجامع لأحكام القرآن (١٨/ ١٨١).
(٢١) انظر: النُّكت والعيون (٦/ ٤١)، تفسير القرآن العظيم (٤/ ٤١٥) وقد ضعَّف ابن كثير الرواية الواردة في ذلك.