ابن بحر: " دكُّها: أن تصيرَ قطعةً واحدة لا ترى فيها عوجاً ولا أمتاً " (١).
المبرد: دكَّتا: أُلصِقتا فجعلتا مثل الدكة الواحدة , وهي (٢) الدُكان " (٣).
{فَيَوْمَئِذٍ}: حينئذٍ.
{وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ (١٥)}: أي {الْوَاقِعَةُ} التي توعدون وهي قيامُ الساعة وصحتها (٤). ووقعت جواب {إِذَا}. و {يَوْمَئِذٍ} بدل من {إِذَا} كرر لمَّا طال الكلام.
{وَانْشَقَّتِ السَّمَاءُ}: قال عليٌّ: " عن المجرة " (٥).
ابن جريح: " فتحت أبواباً " (٦).
والانشقاق: وقوعُ الفُرجةِ بينَ أجزاء الشيء.
{فَهِيَ يَوْمَئِذٍ وَاهِيَةٌ (١٦)}: {وَاهِيَةٌ} كالغزل المنقوض.
وقيل: متخرقة. وقيل: ساقطةٌ متشققة (٧).
{وَالْمَلَكُ}: اسم جنس.
{أَرْجَائِهَا}: نواحيها وأطرافها.
وقيل: أبوابها. واحدها رجاً.
وقيل: (٨) أرجاءَ السماء. وقيل: أرجاء الأرض. وقيل: أرجاء الدنيا.
وقيل: على قطعها التي ليست بمتشققة.
{وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ}: فوقَ الخلق. وقيل: فوقَ الثمانية؛ لأنَّها في نيّة التقديم.
{يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ (١٧)}: أي ثمانيةَ أملاك أرجلُهم تحتَ الأرض السابعة.
وقيل: ورؤوسُهم فوق السابعة.
وقيل: الخلقُ عشرة أجزاء: جزء للإنس والجن وسائر الحيوان (٩) , وجزء ملائكةُ السماوات والأرض , وثمانية أجزاء: حملةُ العرش , وهم الكَرّوبيون (١٠) (١١).
وجاءَ مرفوعاً: ((أنهم اليوم أربعةٌ , وإذا جاءَ يومُ القيامة أمدهم بأربعةٍ آخرين)) (١٢).
مجاهد: هم اليوم أربعة: " فواحدٌ وجههُ وجه رجل , وواحدٌ وجههُ وجه ثور , وواحدٌ وجهه وجه نسر , وواحدٌ وجههُ وجه أسد , وكلُّ واحدٍ يشفعُ لما يشبهه " (١٣).
وقيل: لكلِّ واحدٍ أربعةُ أوجهٍ على الوصف المذكور (١٤).
وروي أنه أنشد بين يدي الرسول - صلى الله عليه وسلم - قول أميَّةَ بن أبي الصلت:
رَجُلٌ وثورٌ تحتَ رجل يمينه ... والنسرُ للأخرى وليثٌّ مرصد
فقال (١٥) النبي - صلى الله عليه وسلم -: صدق (١٦).
والفائدةُ من ذكرِ العرش عقيب ما تقدم: أنَّ العرش بحاله خلافَ السماءِ والأرض.
{يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لَا تَخْفَى مِنْكُمْ خَافِيَةٌ (١٨)}: روى أبو موسى الأشعري عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: ((يعرضُ الناسُ يومَ القيامةِ ثلاث عرضات (١٧) , فأمَّا عرضتان فجدال ومعاذير , وأما العرضةُ الثالثة فعندها تطيرُ الصحفُ في الأيدي , فآخذٌ باليمين وآخذٌ بالشمال)) (١٨). وليس يعرضهم ليعلمَ ما لم يكنْ عالماً به , ولكنهم يعرضونَ مبالغةً ومظاهرةً في العدلِ.
وقيل: معنى العرض: أن يعرفَ كلُّ واحدٍ ما يستحقه من ثوابٍ وعقاب (١٩).
ابن بحر: "يعرضونَ بأعمالهم وأقوالهم كما يعرضُ السلطان جنده بأسلحتهم ودوابهم (٢٠).
{لَا تَخْفَى مِنْكُمْ خَافِيَةٌ}: ما أسررتموه (٢١) أو أعلنتموه.
{فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ}: هذا إخبارٌ عن قولِ الفريقين إذا وصلَ إليهم كتابُ الحفظة.
{فَيَقُولُ}: المؤمنون (٢٢): {هَاؤُمُ اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ}: تقديره:
{هَاؤُمُ} كتابي , واقرؤوا كتابي , فحذف المفعول (٢٣) الأول؛ لأن الثاني يدل عليه.
وفي (هاء) لغات: أحدها (٢٤): هاء , هاؤما , هاؤم , هائي , هاؤا (٢٥) , هاؤنَّ.
ومنهم من قال: هاء , هاؤا , هائي. ومنهم من قال: هاك هاكما.
وقيل: معنى {هَاؤُمُ}: تعالوا. وقيل: معناه (٢٦) يا هؤلاء. والوجه هو الأوَّل (٢٧).
والهاء في {كِتَابِيَهْ} للاستراحة, وخفة الحذف في الوصل , فمن أثبته فلموافقة الإمام (٢٨). والمعنى: يقول (٢٩) ذلك سروراً به لما يرى فيه من الخيرات وأن لا يكونَ فيه ما يفضحه. وقيل: ذلك كتاب سوى كتاب الحفظة فيه البشارة من الله؛ لأن كتاب الحفظة بينه وبين الله.
{إِنِّي ظَنَنْتُ}: أي علمتُ.
{أَنِّي مُلَاقٍ حِسَابِيَهْ (٢٠)}: أني (٣٠): معاين حسابي فكنتُ استعد له.
قال (٣١) الكلبي والضحاك: نزلتْ في أبي سلمة بن عبد الأسد (٣٢) (٣٣) , فيكونُ هو سببُ النزول ويعم المعنى جميعَ أهلِ الإيمان.
{فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ (٢١)}: أي أنواعٍ من العيش مرضية.
وقيل: ذاتُ رضىً.
وقيل: تامّة كأنَّها أعطيتْ حتى رضيتْ فتمتْ (٣٤).
الفرَّاء: " إنَّما يصرفُ من لفظ المفعول " (٣٥).
{فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ (٢٢)}: عالية المكان. وقيل: عاليةَ القدر والشأن.
(١) لم أقف عليه.
(٢) في (أ) "وهو ".
(٣) لم أقف عليه.
(٤) في (أ) " وصيحتها ".
(٥) انظر: تفسير ابن أبي حاتم (١٠/ ٣٣٧٠)، النُّكت والعيون (٦/ ٨١).
(٦) انظر: النُّكت والعيون (٦/ ٨١).
(٧) انظر: جامع البيان (٢٩/ ٥٧)، النُّكت والعيون (٦/ ٨١)، زاد المسير (٨/ ١٠٩).
(٨) في (أ) " قيل ", بدون واو.
(٩) في (أ) " والحيوان جزء , وجزء والملائكة ".
(١٠) في (ب) " الكروبيين ".
(١١) انظر: النُّكت والعيون (٦/ ٨١)، غرائب التفسير (٢/ ١٢٤٥)، الجامع لأحكام القرآن (١٨/ ٢٥٥).
(١٢) أخرجه ابن جرير في جامع البيان (٢٩/ ٥٩) عن ابن إسحاق مرفوعاً.
(١٣) انظر: غرائب التفسير (٢/ ١٢٤٤)، وقد أخرجه عبد الرزاق بنحوه في تفسيره (٣/ ٣١٤) عن وهب بن منبه عن أبيه.
(١٤) والأولى أن يعرض عن هذه الأقوال صفحاً كما قال أبو حيَّان: " وذكروا في صفات هؤلاء الثمانية أشكالاً متكاذبة ضربنا عن ذكرها صفحاً " البحر المحيط (١٠/ ٢٥٩).
(١٥) في (أ) " فقال - صلى الله عليه وسلم - ".
(١٦) أخرجه الإمام أحمد في مسنده في مسند عبد الله بن عباس - رضي الله عنهما - (١/ ٢٥٦) والطبراني في المعجم الكبير، برقم (١١٤٢٦)، قال الهيثمي: " رواه أحمد وأبو يعلي والطبراني ورجاله ثقات إلا أن ابن اسحق مدلس " مجمع الزوائد (٨/ ١٢٧)، وانظر: تفسير الثعلبي (١٠/ ٢٩)، غرائب التفسير (٢/ ١٢٤٦)، الجامع لأحكام القرآن (١٨/ ٢٥٥).
(١٧) في (ب) " ثلاثة عرضات ".
(١٨) أخرجه الإمام أحمد في مسنده (٤/ ٤١٤)، وأخرجه ابن ماجة في كتاب الزهد، باب في ذكر البعث، برقم (٤٢٧٧) ابن جرير في جامع البيان (٢٩//٥٩) عن أبي موسى - رضي الله عنه - موقوفاً، قال الشيخ شعيب الأرنؤوط: "إسناده ضعيف لانقطاعه" مسند أحمد (٤/ ٤١٤) بتعليق الشيخ شعيب، وضعفه الألباني في ضعيف سنن ابن ماجة (/ ... ).
(١٩) انظر: الجامع لأحكام القرآن (١٨/ ٢٥٦).
(٢٠) لم أقف عليه.
(٢١) في (ب) " أسررتم"."
(٢٢) في (ب) " {فَيَقُولُ}: المؤمنون {فَيَقُولُ هَاؤُمُ} ".
(٢٣) " المفعول " ساقط من (أ).
(٢٤) في (أ) " إحداها ".
(٢٥) في (ب) " هاؤما ".
(٢٦) في (ب) " معنى ".
(٢٧) انظر: معاني القرآن؛ للزَّجَّاج (٥/ ١٦٩)، الجامع لأحكام القرآن (١٨/ ٢٥٨).
(٢٨) انظر: معاني القرآن؛ للزَّجَّاج (٥/ ١٦٩)، البحر المحيط (١٠/ ٢٦٠).
(٢٩) في (أ) " تقول ".
(٣٠) في (ب) " أي ".
(٣١) " قال " ساقطة من (أ).
(٣٢) في (ب) " في الأسد بن عبد الأسد ".
(٣٣) انظر: معاني القرآن؛ للفرَّاء (٣/ ١٨٢)، النُّكت والعيون (٦/ ٨٣).
(٣٤) انظر: جامع البيان (٢٩/ ٦١)، الجامع لأحكام القرآن (١٨/ ٢٥٩).
(٣٥) انظر: معاني القرآن (٣/ ١٨٢).