وإنما صار {قُلْ} متلو في السُّور الخمس (١)؛ لأنها نزلت جواباً.
{يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ} لجماعةٌ مخصوصين، أعلمهُ الله أنهم لا يؤمنون (٢).
وقيل: هو عام، والمعنى معنى الشرط، أي: إن عبدتم الله بشرط أن أعبد إلهكم فلن تعبدوه لأني (٣) لا أعبدها أبداً (٤).
{لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ (٢)}: أي: الأصنام وغيرها مما يعبدهُ المشركون؛ لأن العبادة أعلى مراتب الشكر لا على مراتب النعم، والوثن لا يستحقها.
{وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ (٣)}: يعني الله - سبحانه وتعالى -؛ للجهل بوجوب العبادة.
وذكر بلفظ {مَا}، ليتقابل اللفظان ولا يتنافرا. ولم يصح في الأول " من "، وصح في الثاني "ما "، بمعنى: الذي (٥).
{وَلَا أَنَا عَابِدٌ مَا عَبَدْتُمْ (٤) وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ (٥)}: قيل: الثاني: تكرار وتأكيد، لحسم أطماعهم من عبادته آلهتهم أبداً. وقيل: الأول: للحال، والثاني: للماضي، وقيل: الأول: للحال، والثاني: للاستقبال، وقيل: الأول: في سنة، والثاني: في سنة أخرى، لقولهم: تعبد آلهتنا سنة، ونعبد إلهك سنة.
وقيل: الأول: عبادة التوحيد، والثاني: عبادة الطاعة.
وقيل: {مَا} في الأول بمعنى: الذي، و {مَا} في الثاني بمعنى: المصدر، أي: ولا أنا عابد عبادتكم، ولا أنتم عابدون عبادتنا أي مثلها , والمعنى: لا معبود أنا واحد ولا عبادتنا واحدة.
(١) في غرائب التفسير (٢/ ١٤٠٠) " في السور الأربع " ولم يذكر الماوردي خمساً، وإنما أشار إلى هذه السورة وسورة الإخلاص والمعوذتين.
(٢) انظر: النُّكت والعيون (٦/ ٣٥٧).
(٣) في (ب) " فإني ".
(٤) انظر: غرائب التفسير (٢/ ١٣٩٩).
(٥) انظر: النُّكت والعيون (٦/ ٣٥٨)، الجامع لأحكام القرآن (٢٠/ ٢٢٥).