وقيل: بين نزولهما زمان , فصار كتكرار القصص في سائر السور.
وقيل: ذكر الأوّل بلفظ الفعل، ولفظ الفعل يدل على جزء من الزمان , فذكر الباقي (١) بلفظ الاسم، ليدلَ على الأزمنة كلها.
وقيل: في هذا التكرار اختصار وإيجاز هو إعجاز؛ لأنه سبحانه نفى عن نبيِّه - صلى الله عليه وسلم - عبادةَ الأصنام في الحال والماضي والاستقبال، ونفى عن الكفار المذكورين عبادة الله في الأزمنة الثلاثة أيضاً فكان القياسُ يقتضي تكرار هذه اللفظة ست مرات، فذكر لفظي الحال؛ لأن الحال هو الزمان الموجود، واقتصر من الماضي على المسند إليهم , فقال: {وَلَا أَنَا عَابِدٌ مَا عَبَدْتُمْ} فكان اسم الفاعل بمعنى الماضي، واقتصر من المستقبل على المسند إليه، فقال: {وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ}، فكان اسم الفاعلين بمعنى المستقبل. ولهذا نظائر (٢).
{لَكُمْ دِينُكُمْ}: الشرك {وَلِيَ دِينِ (٦)}: الإسلام، وهذا قبل أن أمر بالقتال.
وقيل: لكم جزاؤكم ولي جزائي (٣).
وروي أن ابن مسعود - رضي الله عنه -: ((دخل المسجد والنبي - صلى الله عليه وسلم - جالس، فقال له: نابذ يا ابن مسعود، فقرأ: {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ}، ثم قال له في الركعة الثانية: أخلص، فقرأ: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} الإخلاص: ١، فلما سلَّمَ، قال: يا ابن مسعود سل تُجَب)) (٤). وعنه - صلى الله عليه وسلم - أيضاً (٥) أنه قال: ((نابذوا عند الموت، قالوا: وكيف ننابذ، فقال اقرؤوا {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ})) (٦).
(١) في (أ) " الثاني ".
(٢) انظر: إعراب القرآن؛ للنَّحَّاس (٥/ ١٩٠)، تفسير الثعلبي (١٠/ ٣١٥)، البرهان؛ للكرماني (ص: ٣٣٢)، غرائب التفسير (٢/ ١٣٩٩)، الجامع لأحكام القرآن (٢٠/ ٢٢٤).
(٣) انظر: النُّكت والعيون (٦/ ٣٥٨)، الجامع لأحكام القرآن (٢٠/ ٢٢٦).
(٤) لم أقف على تخريجه في كتب الحديث، وقد أورده النسفي في تفسيره (٤/ ١٣٤٩).
(٥) (" ... (أيضاً " ساقطة من (أ).
(٦) لم أقف على تخريجه.