{وَإِلَى مَدْيَنَ} وأرسلنا إلى مدين (١).
الفراء: إلى أهل مدين، ومدين اسم بقعة، وأنشدنا:
رُهْبَانُ مَدْيَن لو رأوْكِ تَنزلَّوا ... والعُصْمُ من شَعَفِ العَقُولِ الفادرِ (٢)
غيره: مدين بن إبراهيم الخليل عليه السلام، وقيل: اسم رجل كان يقال له مدينان (٣)، وكان سبط نوح عليه السلام، وجعل اسماً للقبيلة وهم أصحاب الأيكة (٤).
قتادة: أرسل مرتين، مرة إلى مدين ومرة إلى أصحاب الأيكة (٥).
{أَخَاهُمْ شُعَيْبًا} هو شعيب ابن توبة، وقيل: شعيب ابن ميكيل (٦).
وكان يقال له خطيب الأنبياء لحسن مراجعته قومه، وقيل: كان نبياً لم تكن له معجزة، وأنكر الزجاج هذا القول، وقال: الدليل على أن له معجزة قوله {قَدْ جَاءَتْكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ}، قال: ولا تقبل نبوة بغير معجزة (٧).
{قَالَ يَاقَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ قَدْ جَاءَتْكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ} يعني: ما أوتي من المعجزة.
{فَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ} الإيفاء: إتمام (٨) الشيء إلى حد الواجب فيه.
{وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ} لا تنقصوا حقوقهم بتطفيف الكيل ونقصان الوزن.
{وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ} بالكفر.
{بَعْدَ إِصْلَاحِهَا} بعد بعث الأنبياء والأمر بالعدل والإحسان.
والأليق بالآية: ولا تفسدوا بالظلم والعدوان في الكيل والميزان.
{ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (٨٥)} أي: الإيمان السابق على إيفاء الكيل والوزن (٩)، وكانوا أهل كفر وبخس للمكيال والميزان.
{وَلَا تَقْعُدُوا} ولا تجلسوا.
{بِكُلِّ صِرَاطٍ} طريق.
{تُوعِدُونَ} تتهددون بالمكاره.
(١) سقط قوله: (وأرسلناإلى مدين) من (ب).
(٢) أورده الفراء في «معاني القرآن» ٢/ ٣٠٤ عند تفسير قوله تعالى: {وَلَمَّا تَوَجَّهَ تِلْقَاءَ مَدْيَنَ} القصص: ٢٢، ونسب السمين الحلبي في «الدر المصون» ٤/ ٣٩٢ البيت لجرير.
(٣) هكذا في (أ) و (ب)، أما الطبري فعنده (مديان)، وكذك عند ابن الجوزي ٣/ ٢٢٨.
(٤) انظر: الطبري ١٠/ ٣١٠، والثعلبي ٤/ ٢٦٠، والقرطبي ٩/ ٢٨٠.
(٥) ذكره الثعلبي ٤/ ٢٦٠، وأبو حيان ٤/ ٣٣٩ عن قتادة، وقال ابن كثير في «البداية والنهاية» ١/ ٤٣٨: (ومن زعم من المفسرين كقتادة وغيره أن أصحاب الأيكة أُمّة أخرى غير أهل مدين فقوله ضعيف).
(٦) في (أ): (ميكل).
(٧) انظر: «معاني القرآن» للزجاج ٢/ ٣٥٣.
(٨) سقطت كلمة (إتمام) من (ب).
(٩) يعني: لا ينفعكم إيفاء الكيل والوزن عند الله إلا بعد أن تكونوا مؤمنين، وإلا فلا ينفع عمل دون إيمان.
انظر: «البحر المحيط» لأبي حيان ٤/ ٣٤٠.