{فَاقْصُصِ الْقَصَصَ} اتل عليهم خبرهم.
{لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ (١٧٦)} كي يتأملوا فيتعظوا.
{سَاءَ مَثَلًا الْقَوْمُ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَأَنْفُسَهُمْ كَانُوا يَظْلِمُونَ (١٧٧)} تقديره: ساء مثلاً مثل القوم، فحذف المضاف، وقيل: ساء مثلاً ما تقدم ذكره من الكلب واللهث.
{مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِي} أي: من هداه إلى الإيمان ووفقه فهو المهتدي الثابت على الإيمان.
{وَمَنْ يُضْلِلْ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ (١٧٨)} ومن أضله عن الإيمان وخذله فقد خسرنفسه ومنزله من الجنة.
{وَلَقَدْ ذَرَأْنَا} خلقنا {لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ} يعني الكفار من الفريقين، وذرأه لها (١) خلقه إياه كافراً.
ولا منافاة بينه وبين قوله {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ (٥٦)} الذاريات: ٥٦، لأن ذلك لكثير منهم وهذا لكثير، وقيل: لام {لِجَهَنَّمَ} لام العاقبة، أي: خلقنا للعبادة فآل أمرهم إلى جهنم، وقيل: هذا من المقلوب تقديره (٢): ذرأنا جهنم لكثير من الجن والإنس (٣).
وروى عبد الله بن عمرو رضي الله عنه عن النبي -صلى الله عليه وسلم-: (أن الله تعالى لما ذرأ لجهنم ما ذرأ كان ولد الزنا ممن ذرأ لجهنم) (٤).
ثم ذمهم فقال: {لَهُمْ قُلُوبٌ لَا يَفْقَهُونَ بِهَا} لتركهم التدبر في كتاب الله.
{وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لَا يَسْمَعُونَ بِهَا} أي: لا ينتفعون بأعينهم وآذانهم، فهم كالفاقدين السمع والبصر.
{أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ} في قله انتفاعها بالمعقولات والمرئيات والمسموعات.
{بَلْ هُمْ أَضَلُّ} لأنهم أعرضوا عنها وفوتوها على أنفسهم، وقيل: لأن (٥) الأنعام تعرف الله تعالى والكافر لا يعرفه (٦)، وقيل: {بَلْ هُمْ أَضَلُّ} لأن الأنعام تبصر منافعها ومضارها فتلتزم بعض ما تبصره والكافر لا يعلم مضارها حيث اختار النار، وقيل: لأن الكفار بقبيح فعلهم يصيرون إلى النار والأنعام لا تصير إليها.
{أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ (١٧٩)} أي: عَمَّا لَهُم وعليهم.
{وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى} جميع أسماء الله تعالى صفات، إلا كلمة (الله) فإنهم اختلفوا فيه، وقد سبق (٧).
والفرق بينهما: أن الاسم يدل دلالة إشارة، والصفة تدل دلالة إفادة (٨)،
(١) في (ب): (وذرأه له).
(٢) في (أ): (وقيل تقديره).
(٣) قد ردَّ أبو حيان ٤/ ٤٢٥ القول بأن هذه الآية من المقلوب وقال عن هذا القول بأنه غير سديد.
(٤) أخرجه الطبري ١٠/ ٥٩٢، وابن أبي حاتم ٥/ ١٦٢٢، وابن أبي عاصم في «السنة» (٤١٧) وإسناده ضعيف كما قال الشيخ الألباني في «ظلال الجنة» تحت الحديث (٤١٧).
(٥) في (أ): (أن الأنعام).
(٦) في (ب): (لا يعرف الله).
(٧) قال الكرماني في تفسير معنى (بسم الله الرحمن الرحيم) في مطلع التفسير (ص ٦٦ - رسالة الشيخ الدكتور ناصر العمر) عند حديثه عن لفظ الجلالة (الله): (والأكثر على أنه مشتق؛ لأن أسماء الله تعالى كلها صفات ومشتقة ليعرف المكلف معناه فيتوسل به إليه).
(٨) في (أ): (دلالة فائدة).
وهذه الدلالات التي ذكرها هي مبحث لغوي، وإلا فالأصل أن كل اسم لله تعالى فهو صفة له تعالى كما ذكره الكرماني قبل قليل.
انظر: «معجم القواعد العربية» (ص ٣٢) لعبدالغني الدقر.