قوله: {خُذِ الْعَفْوَ} هو العفو عن المذنب (١)، أي: اترك عقوبته، وهو منسوخ بآية القتال (٢)، وقيل: خذ العفو من أموالهم، أي: ما فضل وطاب وسهل، من قوله {مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ} البقرة: ٢١٩، وهو منسوخ بآية الزكاة، وقيل: ما عفا من أخلاق الرجال وما لا يَجْهَدُهم.
{وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ} بالمعروف، وهو ما حسن فعله وعرفته (٣) القلوب ولم تنكره.
{وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ (١٩٩)} بترك مؤاخذتهم، قيل: منسوخة بالقتال، وقيل: أعرض عنهم بترك مقاتلتهم (٤)، وقيل: بترك موافقتهم.
{وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ} نالك منه وسوسة وفساد وغضب.
والنزغ: الإزعاج بالإغراء.
{فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ} فاستجر بالله من الشيطان الرجيم من مكايده واستغث به، وقيل: معنى الآية: وإن دعاك الشيطان إلى خلاف ما أمرناك بقولنا (٥) {خُذِ الْعَفْوَ} الآية، فاستعذ به منه.
{إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (٢٠٠)} يسمع الدعاء ويعلم ما في الضمائر.
{إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا} ابن عباس رضي الله عنهما: إذا زلوا تابوا (٦).
والطَّيْفُ (٧): ما يتخيل في العقل مما لا تلحقه العين، أو يرى في المنام، وقيل: اللمم والوسوسة والخبل (٨).
تقول: طافَ الخيالُ يَطيفُ طَيْفاً، وطافَ الرجلُ يَطوفُ طَوْفاً: إذا أقبل وأدبر، وطَيْف: من طاف الخيال، ويجوز أن يكون من طاف الرجل، فيكون أصله طَيِّف بالتشديد فخففت (٩) كَمِّيت، وطائف اسم فاعل (١٠) من أحدهما (١١).
(١) سقط من (أ) قوله: (هو العفو).
(٢) قال ابن الجوزي ٣/ ٣٠٨: (هذه الآية عند الأكثرين كلها محكمة، وعند بعضهم أن وسطها محكم، وطرفيها منسوخان).
وقد ذهب الطبري ١٠/ ٦٤٣ إلى عدم النسخ، وكذلك ذهب مصطفى زيد في كتابه: «النسخ في القرآن الكريم» (ص ٧٣٢ - ٧٣٧).
(٣) في (أ): (عرفه).
(٤) في (أ): (مقابلتهم).
(٥) سقطت (بقولنا) من (أ).
(٦) قال ابن عباس رضي الله عنهما: الطائف: اللَّمةُ من الشيطان، وقال أيضاً: نزغٌ من الشيطان، أخرجهما الطبري ١٠/ ٦٤٩، ثم أخرج الطبري عن السدّي: إذا زلُّوا تابوا، ثم قال الطبري: وهذان التأويلان متقاربا المعنى.
(٧) هذا التفسير على قراءة ابن كثير وأبو عمرو والكسائي ويعقوب (إذا مسهم طَيْفٌ) بغير ألف، وقرأ باقي العشرة {طَائِفٌ} بالألف.
انظر: «المبسوط» لابن مهران (ص ١٨٧).
(٨) انظر: «البسيط» للواحدي (ص ٩٨٩ - ٩٩٠) رسالة جامعية.
(٩) في (ب): (فخفف).
(١٠) في (ب): (الفاعل).
(١١) انظر: «البسيط» للواحدي (ص ٩٩٠) رسالة جامعية، و «الدر المصون» للسمين ٥/ ٥٤٥ - ٥٤٧.