وكانت قصتها تشبه قصة الأنفال في ذكر العهود ورفع العهود فضمت إليها وكتبت في السبع الطوال (١).
وقيل: اختلفت الصحابة فيهما، فقال بعضهم: الأنفال والتوبة سورة واحدة، وقال الآخرون (٢): هما سورتان، ففصل بينهما على قول من قال هما سورتان، ولم يكتب بسم الله على قول من قال هي سورة، فرضوا بذلك جميعا وسميتا قرينتين (٣).
وعن عائشة رضي الله عنها قالت: نسي الكاتب أن يكتب بسم الله في أولها فتركت بحالها، حكاه أبو الليث في تفسيره، وفيه بُعْدٌ (٤).
قوله: {بَرَاءَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (١)} أي: هذه السورة أو الآيات براءة فيكون رفعاً بالخبر, وقيل: ارتفع بالابتداء، والخبر {إِلَى الَّذِينَ}.
والبراءة: انقطاع العصمة، أي: برئ الله إلى المشركين من العهود التي عاهدهم النبي -صلى الله عليه وسلم- والمؤمنون وانقطعت العصمة بينهما.
وقيل: انقطعت لانقضاء مدة العهد.
واختلف في الذين عاهدوهم، قال ابن عباس: كان لقوم عهود فَأُمِرَ أن
(١) هذا مروي عن عثمان رضي الله عنه، أخرجه أبو داود (٧٨٦) والترمذي (٣٠٨٦) وأحمد (٣٩٩) وضعفه محققو المسند.
أما روايته عن أبي بن كعب فوجدته في تفسير أبي القاسم الحسن بن محمد بن حبيب النيسابوري (ت ٤٠٦ هـ) وهو مخطوط، والأثر فيه غير مسند (ق ٣٦) ولفظه قريب من لفظ المؤلف، كما ذكره الماوردي ٢/ ٣٣٦ وابن العربي في «أحكام القرآن» ٢/ ٣٣٦ أيضاً.
(٢) في (ب): (آخرون).
(٣) في (ب): (القرينتين).
وهذا القول نقله الشوكاني في «فتح القدير» ٢/ ٤٧٦ وقال بعده: (قاله خارجة وأبو عصمة وغيرهما).
(٤) انظر: «تفسير السمرقندي» ويسمى «بحر العلوم» لأبي الليث السمرقندي ٢/ ٣٧.