والوجه ما قال ابن عباس، فقد قال -صلى الله عليه وسلم-: (كل مال (١) أديت زكاته فليس (٢) بكنز) (٣).
وأصل الكنز: جمع الشيء وتكثيفه، تقول: هو مكتنز اللحم، والكنز: المال الكثير مدفوناً وغير مدفون.
{وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ} قيل: كناية عن الأموال والكنوز, وقيل: عن الفضة، أي: لا ينفقون الفضة فضلاً عن الذهب, وقيل: عن المصدر، أي: لا ينفقون نفقة, وقيل: تقديره: يكنزون الذهب ولا ينفقونه والفضة ولا ينفقونها، فاكتفى بذكر أحدهما، وهذا كثير, ويحتمل: أن الذهب والفضة لما كانا جنسين جمعهما، كقوله: {خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا} الحج: ١٩، ويُخَرَّج على هذا {تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا} الجمعة: ١١، وقوله: {بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ وَإِنَّهَا} البقرة: ٤٥.
{فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (٣٤)}.
{يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا} على الذهب والفضة.
{فِي نَارِ جَهَنَّمَ} أي: توقد النار عليها.
والإحماء فوق الإسخان.
{فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ} الكي: الوسم.
ابن عيسى: الكي أيضاً: إلصاق الحار بعضو من البدن.
قال: والجبهة: صفيحة أعلى الوجه قبل الحاجب، والجنب: الجانب المشبك بالعظام المقوسة، والظهر: الصفيحة المقابلة للبطن.
وخص هذه المواضع بالكي لأن البخيل إذا سأله السائل زوى جبهته ثم
(١) في (ب): (كل ما أديت ... ).
(٢) في (أ): (ليس).
(٣) روي هذا الحديث مرفوعاً وموقوفاً، فأخرجه الطبري ١١/ ٤٢٥ وابن أبي حاتم ٦/ ١٧٨٨ موقوفاً وأخرجه البيهقي ٤/ ٨٢ مرفوعاً عن ابن عمر، ثم بين أن الصحيح أنه موقوف.