{فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ} أي: في الأربعة بارتكاب المعاصي.
ابن بحر: لا تظلموا أنفسكم بترك قتال من يقاتلكم فيهن، يدل عليه ما بعده (١).
وقيل: {فِيهِنَّ} يعود إلى الجميع.
والأول أظهر، لأن (هن) ضمير جمع القليل وهي وهاء ضمير جمع الكثير، ولهذا قال {مِنْهَا أَرْبَعَةٌ}.
{وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً} جميعا.
{كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً} جميعا.
و{كَافَّةً} مصدر، كالعاقبة (٢)، وهي حال لا يثنى ولا يجمع ولا يدخلها الألف واللام لأنها من المصادر التي لا تتعرف، وهي في لزوم النكرة كأجمعين في لزوم المعرفة، واشتقاقها من كُفَّةِ (٣) الشيء، وهي حَرْفُه، كأنه كُفَّ عن الزيادة.
{وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ (٣٦)} هذه بشارة وضمان لهم بالنصرة.
وهذه ناسخة أبيح فيها (٤) القتال في الشهر الحرام.
وقيل: هي محكمة كما كانت، وتقدير هذه الآيات: إن بدؤكم فقاتلوهم.
والأول أصح، لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- قد حاصر الطائف فيه (٥).
(١) نقله الماوردي ٢/ ٣٦٠ عن ابن بحر.
ونقله الوزير المغربي في تفسيره «المصابيح» (ق ١٦١/النسخة الأزهرية).
(٢) في (أ): (كالعافية).
(٣) انظر: «معاني القرآن» للزجاج ٢/ ٤٤٦.
وفي نسخة (أ): (كُفَيّةُ الشيء).
(٤) في (ب): (لها).
(٥) قد أجاب الحافظ ابن كثير عن ذلك فقال ٧/ ١٩٩: (وهكذا الجواب عن حصار رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أهل الطائف واستصحابه الحصار إلى أن دخل الشهر الحرام، فإنه من تتمة قتال هوازن وأحلافها من ثقيف، فإنهم هم الذين ابتدءوا القتال) إلى أن قال: (واستمر الحصار بالمجانيق وغيرها قريباً من أربعين يوماً، وكان ابتداؤه في شهر حلال، ودخل الشهر الحرام فاستمر فيه أياماً ثم قَفَل عنهم، لأنه يغتفر في الدوام ما لا يغتفر في الابتداء).