وقال مجاهد: كانوا يقولون القول بينهم ثم يقولون (١): عسى الله أن لا يفشي علينا سرنا، فنزلت {يَحْذَرُ الْمُنَافِقُونَ} (٢).
{أَنْ تُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ سُورَةٌ} قال المفسرون: السورة تنزل على الرسول -صلى الله عليه وسلم-، لكن لما كان في شأنهم قال {تُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ}.
ويحتمل: أنه من قولك: هذا عليك لا لك.
{تُنَبِّئُهُمْ} تخبرهم (٣) السورة.
{بِمَا فِي قُلُوبِهِمْ} من الكفر والنفاق، أي: تفضحهم.
ويحتمل: أن تكون التاء لخطاب (٤) النبي -صلى الله عليه وسلم-.
{قُلِ اسْتَهْزِئُوا} أمر تهديد، أي: أظهروا خلاف ما تضمرون.
واختلف المفسرون في معنى {يَحْذَرُ} هاهنا بعد أن (٥) المنافق لا يعتقد أن الله ينزل شيئا, فقال الزجاج: هو أمر في صيغة الخبر كما في الصف (٦) , وقيل: المنافق
(١) في (ب): (يقول).
(٢) أخرجه الطبري ١١/ ٥٤١ وابن أبي حاتم ٦/ ١٨٢٩.
(٣) سقطت كلمة (تخبرهم) من (ب).
(٤) في (أ): (بخطاب).
(٥) تأتي (بعد) بمعنى (مع)، قال تعالى: {عُتُلٍّ بَعْدَ ذَلِكَ زَنِيمٍ} القلم/١٣.
انظر: «المعجم المفصل في النحو العربي» ١/ ٣٠٨.
(٦) حاولت استظهار معنى قول الكرماني (كما في الصف) فلم يظهر لي إلَاّ ما تكلم به النحويون حول قوله تعالى في سورة الصف: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ (١٠) تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ} ثم قال {يَغْفِرْ لَكُمْ}. فالزجاج يرى أنها مثل هذه الآية. والمسألة مبسوطة في كتب النحو.
يقول الزجاج في تفسير قوله تعالى: {يَغْفِرْ لَكُمْ}: (هذا جواب {تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ} لأن معناه معنى الأمر، المعنى: آمنوا بالله ورسوله وجاهدوا في سبيل الله بأموالكم وأنفسكم يغفر لكم ذنوبكم، أي: إن فعلتم ذلك يغفر لكم، والدليل على ذلك قراءة عبدالله بن مسعود: آمنوا بالله ورسوله). انظر: «معاني القرآن» للزجاج ٥/ ١٦٦، و «شرح المفصل» لابن يعيش ٤/ ٢٧٤.