{وَمِمَّنْ حَوْلَكُمْ مِنَ الْأَعْرَابِ} في سبب النزول: أنها نزلت في جُهَينة ومُزَينة وأَشْجَع وأَسْلَم وغِفَار {وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ} ابن أُبيّ وجد بن قيس ومعتب بن قشير والجلاس بن سويد وأبو عامر الراهب (١).
قال قتادة: أسّر النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى حذيفة اثني عشر رجلا من المنافقين لا يدخلون الجنة حتى يلج الجمل في سم الخياط، وقال: ستة منهم يقتلهم الدُّبَيْلة سراج من نار تأخذ في كتف أحدهم حتى تخرج من صدره (٢).
وكان عمر رضي الله عنه إذا مات رجل يظنه منهم، نظر إلى حذيفة فإن صلى عليه اتبعه.
قال حذيفة: قال لي عمر: أنشدك الله أمنهم أنا، قلت: لا والله ما جعلك الله منهم (٣).
وقوله {وَمِمَّنْ حَوْلَكُمْ} أي: من أهل البوادي ممن حوالي المدينة.
{مُنَافِقُونَ وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ} منافقون.
{مَرَدُوا عَلَى النِّفَاقِ} يجوز أن يكون وصفاً للمنافقين وحقه التقديم، وهذا قول الزجاج (٤).
ويجوز أن يكون وصفاً لمنافقي المدينة فحسب، وهذا قول جماعة، فيكون الوقف على قوله {مُنَافِقُونَ} ثم يستأنف {وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُوا} أي: قوم مردوا (٥).
ويحتمل أن يكون {مَرَدُوا} للكل (٦)، ويحتمل: الاستئناف.
ومعنى {مَرَدُوا عَلَى النِّفَاقِ} أقاموا عليه فلم يتوبوا منه, وقيل: لجوا فيه وأبوا غيره (٧) , وقيل: استمروا على ذلك وعتوا فيه (٨) , وقيل: اشتدوا فيه, وقيل: دربوا به.
(١) ذكره الثعلبي (ص ٣٩٠ - رسالة جامعية) غير معزو لأحد وذكره الواحدي في «أسباب النزول» (ص ٤٣١) عن الكلبي، وذكره ابن الجوزي ٣/ ٤٩١ عن ابن عباس رضي الله عنهما.
(٢) أخرجه مسلم في صحيحه (٢٧٧٨) ولكن عنده (ثمانية) بدلاً من (ستة).
والدُّبَيْلة: مفسرةٌ في حديث النبي -صلى الله عليه وسلم- بأنها سراج من نار.
وقال ابن الأثير في «النهاية» (ص ٢٩٧) (دبل): (خُراجٌ ودُمَّلٌ كبير تظهر في الجوف فتقتل صاحبها غالباً).
(٣) هذان الأثران عن عمر أخرجهما ابن عساكر في «تاريخ دمشق» ١٢/ ٢٧٦ في ترجمة: حذيفة بن اليمان رضي الله عنهم أجمعين.
(٤) انظر: «معاني القرآن» للزجاج ٢/ ٤٦٧.
(٥) انظر: «زاد المسير» ٣/ ٤٩٢.
(٦) في (د): (الكل).
(٧) في (د): (وأتوا).
(٨) سقط هذا القول من (ب) فجاء النص فيها كالتالي: ( ... وأبوا غيره وقيل اشتدوا فيه ... ).