وأصله: من الشيطان المارد، واشتقاقه من: الملاسة، وقد سبق (١).
{لَا تَعْلَمُهُمْ} لا تعرفهم بأعيانهم {نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ}.
ويحتمل: لا تعلمهم (٢) منافقين.
وتَقَدُّمُ لفظ النفاق قام (٣) مقام الملفوظ، فيكون على أصله متعدياً إلى مفعولين.
{سَنُعَذِّبُهُمْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ يُرَدُّونَ إِلَى عَذَابٍ عَظِيمٍ (١٠١)} محمد بن جرير: لم يبين الله العذاب لنا ما هما (٤).
غيره: المرة الأولى: في الدنيا بالقتل والفضيحة والهوان وأخذ الزكاة والحمل على الجهاد، والمرة الثانية: عذاب القبر، والثالثة: دخول النار على الدوام.
{وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ} في سبب النزول: قال (٥) ابن عباس رضي الله عنهما: نزلت في قوم كانوا (٦) تخلفوا عن غزوة تبوك، ثم ندموا وقالوا: نكون في الظلال مع النساء ورسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه في الجهاد، والله لنوثقن أنفسنا بالسواري (٧) ولا نطلقها حتى يكون الرسول هو الذي يطلقنا ويعذرنا، فأوثقوا أنفسهم بسواري المسجد، فلما رجع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مر بهم فرآهم، فقال: (من هؤلاء؟ )، قالوا: هؤلاء تخلفوا عنك فعاهدوا الله لا يطلقون أنفسهم حتى تكون أنت الذي تطلقهم وترضى عنهم، فقال -صلى الله عليه وسلم-: (وأنا أقسم لا أطلقهم ولا أعذرهم حتى أؤمر بإطلاقهم، رغبوا عني وتخلفوا عن الغزو مع المسلمين)، فنزلت هذه الآية (٨)، فلما نزلت أرسل إليهم النبي -صلى الله عليه وسلم- فأطلقهم وعذرهم، فلما أطلقوا قالوا: يا رسول الله هذه أموالنا التي خلفتنا عنك فتصدق بها عنا وطهرنا واستغفر لنا، فقال: (ما أمرت أن آخذ من أموالكم شيئاً)، فأنزل الله {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً} (٩).
(١) انظر تفسير سورة النساء، الآية (١١٧): {إِنْ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا إِنَاثًا وَإِنْ يَدْعُونَ إِلَّا شَيْطَانًا مَرِيدًا}. في رسالة الشيخ الدكتور: ناصر العمر (ص ١٢٧٦).
(٢) في (د): (لا تعلمونهم).
(٣) في (د): (وقام).
(٤) انظر: تفسير الطبري ١١/ ٦٤٩، ثم بيّن الطبري أن قوله عز وجل: {ثُمَّ يُرَدُّونَ إِلَى عَذَابٍ عَظِيمٍ}. فيه دلالة على أن العذاب في المرتين كلتيهما قبل دخولهم النار.
(٥) سقطت كلمة (قال) من (أ).
(٦) سقطت كلمة (كانوا) من (أ).
(٧) في (ب): (في السواري).
(٨) في (د): (الآيات).
(٩) زاد في (أ): (الآية).
والأثر عن ابن عباس رضي الله عنهما: أخرجه ابن جرير ١١/ ٦٥١ وابن أبي حاتم ٦/ ١٨٧٢.