وقوله: {إِلَّا أَنْ تَقَطَّعَ قُلُوبُهُمْ} ابن عيسى: {إِلَّا} هاهنا: بمعنى: حتى، لأنه استثناء من الزمان المستقبل.
وقيل: الاستثناء منقطع, وقيل: معنى {إِلَّا أَنْ تَقَطَّعَ قُلُوبُهُمْ} بالتوبة فتفارقها الريبة.
{وَاللَّهُ عَلِيمٌ} بنياتهم.
{حَكِيمٌ (١١٠)} فيما أمر بالهدم.
{إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ} في سبب النزول: قال محمد بن كعب القرظي: لما بايعت الأنصار رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ليلة العقبة بمكة وهم سبعون نقيباً، قال عبدالله بن رواحة: يا رسول الله: اشترط لنفسك ولربك ماشئت، فقال: (أشترط لربي أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئاً, وأشترط لنفسي أن تمنعوني مما تمنعون منه أنفسكم)، قالوا: فإذا فعلنا ذلك فماذا لنا؟ قال: (الجنة)، قالوا: ربح البيع، لا نقيل ولا نستقيل، فنزلت هذه الآية (١).
ومعنى اشترى أنفسهم وأموالهم: أي: ملكهم أنفسهم وأموالهم (٢) فصارت لهم ثم اشترى منهم أنفسهم بأن يجاهدوا بها.
{وَأَمْوَالَهُمْ} بأن ينفقوا في سبيل الله وبأن يتصدقوا بها.
{بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ} أي: بالجنة.
{يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ} أي: لهم الجنة قاتلين (٣) أو مقتولين إذا باشروا الحرب, وقيل: ضرب المثل بالشراء: لأنه أخذ وإعطاء، وقد سبق (٤).
والشراء: مشتق من: الشّروى، وهي: المِثْل.
{وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا} أي: وعد وعداً حقاً ثابتاً لا خُلْفَ فيه.
{فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ} أي: مبايعتكم هذه مذكورة في الكتب الثلاثة, وقيل: اشترى من أمة موسى وأمة (٥) عيسى كما اشترى من أمة محمد -صلى الله عليه وسلم-.
(١) أخرجه الطبري ١٢/ ٦ - ٧، وذكره جماعة من المفسرين، منهم: الثعلبي (ص ٤٣٢ - رسالة جامعية) والواحدي في «أسباب النزول» (ص ٤٣٥).
(٢) حصل سقط في (ب) فجاء النص فيها: (ومعنى اشترى أنفسهم وأموالهم فصارت ... ).
(٣) في (ب): (و).
(٤) سبق الكلام على هذه المفردة عند الكرماني في تفسير سورة البقرة (آية ١٦): {أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلَالَةَ بِالْهُدَى فَمَا رَبِحَتْ تِجَارَتُهُمْ وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ}.
(٥) في (ب): (ومن أمة عيسى ... ).