واختار الزجاج قول أبي عبيدة (١).
{حَلِيمٌ (١١٤)} هو الصبور على الأذى الصفوح عن الذنوب.
{وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِلَّ قَوْمًا بَعْدَ إِذْ هَدَاهُمْ} مقاتل والكلبي: لما أنزل الله الفرائض فعمل بها الناس ثم جاء ما نسخها من القرآن وقد غاب ناس وهم يعملون بالأمر الأول من القبلة والخمر وأشباه ذلك، فسألوا عنه رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فأنزل الله هذه الآية (٢).
وقيل: سبب نزولها: أن قوماً من الأعراب أسلموا وعادوا إلى بلادهم فعملوا بما شاهدوا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يفعله من الصلاة إلى بيت المقدس وصيام أيام البيض ثم قدموا بعد ذلك على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فوجدوه يصلي إلى الكعبة ويصوم شهر رمضان، فقالوا: يا رسول الله دُنَّا الله بعدك بالضلال، إنك على أمر وإنا على غيره، فأنزل الله هذه الآية، حكاه أقضى القضاة (٣).
وقيل: الآية متصلة بما قبلها.
{حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُمْ مَا يَتَّقُونَ} ما يأتون ويذرون.
{إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (١١٥)}.
{إِنَّ اللَّهَ لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ (١١٦)} سبق تفسيره (٤).
{لَقَدْ تَابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ} من إذنه للمنافقين في التخلف عنه في قوله {لِمَ
(١) انظر: «معاني القرآن» للزجاج ٢/ ٤٧٣ - ٤٧٤.
(٢) انظر: «تفسير مقاتل بن سليمان» ٢/ ٢٠٠، و «الكشف والبيان» للثعلبي (ص ٤٦٥ - رسالة جامعية)، وهذا السبب مروي عن ابن عباس رضي الله عنهما كما ذكر ابن الجوزي ٣/ ٥١٠.
(٣) ذكره الماوردي ٢/ ٤١١.
(٤) انظر: تفسير سورة البقرة، آية (١٠٧).